﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنذر ﴾ أي الإنذاراتِ والمواعظِ التي سمعُوها من صالحٍ أو بالرسلِ عليهم السَّلامُ فإنَّ تكذيبَ أحدِهم تكذيبٌ للكلِّ لاتفاقِهم على أصولِ الشرائعِ ﴿ فَقَالُواْ أَبَشَراً مّنَّا ﴾ أي كائناً من جنسِنا، وانتصابُه بفعلٍ يفسرُه ما بعدَهُ ﴿ واحدا ﴾ أي منفرداً لا تبعَ له أو واحداً من آحادِهم لا من أشرافِهم وهو صفةٌ أُخرى لبشراً وتأخيرُه عن الصفةِ المؤولةِ للتنبيهِ على أنَّ كلاً من الجنسيةِ والوحدةِ مما يمنعُ الاتباعَ ولو قُدِّمَ عليَها لفاتتِ هذه النكتةُ وقُرِىءَ أبشرٌ منَّا واحدٌ على الابتداءِ. وقولُه تعالَى :﴿ نَّتَّبِعُهُ ﴾ خبرُهُ والأولُ أوجهُ للاستفهامِ ﴿ إِنَّا إِذَا ﴾ أي على تقديرِ اتباعِنا له وهو منفردٌ ونحن أُمَّةٌ جَمَّةٌ ﴿ لَفِى ضلال ﴾ عن الصوابِ ﴿ وَسُعُرٍ ﴾ أي جنونٍ فإنَّ ذلكَ بمعزلٍ من مُقتَضى العقلِ وقيلَ : كان يقولُ لهم إن لم تتبعونِي كنتُم في ضلالٍ عن الحقِّ وسعرٍ أي نيرانٍ جمعُ سعيرٍ فعكسُوا عليهِ عليهِ السَّلامُ لغايةِ عتوهِم فقالُوا إنِ اتبعناكَ كُنَّا إذن كَما تقولُ ﴿ أَءُلْقِىَ الذّكْرُ ﴾ أي الكتابُ والوحيُ ﴿ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا ﴾ وفينَا من هو أحقُّ منه بذلكَ ﴿ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾ أي ليسَ الأمرُ كذلكَ بل هو كَذا وكَذا حملَهُ بطرُه على الترفعِ علينا بما ادَّعاهُ وقولُه تعالَى :﴿ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الكذاب الأشر ﴾ حكايةٌ لما قالَهُ تعالَى لصالحٍ عليهِ السَّلامُ وعداً لهُ ووعيداً لقومِه، والسينُ لتقريبِ مضمونِ الجملةِ وتأكيدِه والمرادُ بالغدِ وقتُ نزولِ العذابِ أي سيعلمونَ ألبتةَ عن قريبٍ من الكذابُ الأشرُ الذي حملَهُ أشرُه وبطرُه على الترفعِ أصالحٌ هو أم مَنْ كذبَهُ. وقُرِىءَ ستعلمونَ، على الالتفاتِ لتشديدِ التوبيخِ، أو على حكايةِ ما أجابَهُم به صالحٌ. وقُرِىءَ الأشر كقولِهم حذر في حذر. وقُرِىءَ الأشرُّ أي الأبلغُ في