قوله تعالى :﴿فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ﴾ خطاب ممن وقع ومع من وقع ؟ قلنا : فيه وجوه أحدها : فيه إضمار تقديره فقلت : على لسان الملائكة ذوقوا عذابي ثانيها : هذا خطاب مع كل مكذب تقديره كنتم تكذبون فذوقوا عذابي فإنهم لما كذبوا ذاقوه ثالثها : أن هذا الكلام خرج مخرج كلام الناس فإن الواحد من الملوك إذا أمر بضرب مجرم وهو شديد الغضب فإذا ضرب ضرباً مبرحاً وهو يصرح والملك يسمع صراخه يقول عند سماع صراخه ذق إنك مجرم مستأهل ويعلم الملك أن المعذب لا يسمع كلامه ويخاطب بكلامه المستغيث الصارخ وهذا كثير فكذلك لما كان كل أحد بمرأى من الله تعالى يسمع إذا عذب معانداً كان قد سخط الله عليه يقول :﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم﴾ [ الدخان : ٤٩ ] ﴿فَذُوقُواْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا﴾ [ السجدة : ١٤ ] ﴿فَذُوقُواْ عَذَابِى﴾ ولا يكون به مخاطباً لمن يسمع ويجيب، وذلك إظهار العدل أي لست بغافل عن تعذيبك فتتخلص بالصراخ والضراعة، وإنما أنا بك عالم وأنت له أهل لما قد صدر منك، فإن قيل : هذا وقع بغير الفاء، وأما بالفاء فلا تقول : وبالفاء فإنه ربما يقول : كنتم تكذبون فذوقوا.
المسألة الرابعة :