وقرأ أبو السماك، والداني، وأبو الأشهب، وابن السميفع بالرفع على الابتداء، و ﴿ واحداً ﴾ صفته، و ﴿ نتبعه ﴾ خبره.
وروي عن أبي السماك أنه قرأ برفع ( بشراً ) ونصب ( واحداً ) على الحال ﴿ إِنَّا إِذاً لَّفِى ضلال ﴾ أي : إنا إذا اتبعناه لفي خطأ، وذهاب عن الحق ﴿ وَسُعُرٍ ﴾ أي : عذاب وعناء وشدّة كذا قال الفراء، وغيره.
وقال أبو عبيدة : هو جمع سعير، وهو لهب النار، والسعر : الجنون يذهب كذا وكذا لما يلتهب به من الحدّة.
وقال مجاهد :﴿ وسعر ﴾ وبُعد عن الحقّ.
وقال السديّ : في احتراق، وقيل المراد به هنا : الجنون، من قولهم : ناقة مسعورة أي : كأنها من شدّة نشاطها مجنونة، ومنه قول الشاعر يصف ناقة :
تَخالُ بها سُعْراً إِذَا السَّعْرُ هَزَّهَا... ذَمِيلٌ وإِيقاعٌ من السَّيْرِ مُتْعِبُ
ثم كرّروا الإنكار والاستبعاد فقالوا :﴿ أألقي الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا ﴾ أي : كيف خصّ من بيننا بالوحي والنبوّة، وفينا من هو أحقّ بذلك منه؟ ثم أضربوا عن الاستنكار، وانتقلوا إلى الجزم بكونه كذاباً أشراً فقالوا :﴿ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾ والأشر : المرح والنشاط، أو البطر والتكبر، وتفسيره بالبطر والتكبر أنسب بالمقام، ومنه قول الشاعر :
أشِرتُمْ بِلْبس الخَزَّ لما لَبِستُمُ... ومن قبلُ لا تْدرون مَنْ فَتَحَ القُرى
قرأ الجمهور ﴿ أشر ﴾ كفرح.
وقرأ أبو قلابة، وأبو جعفر بفتح الشين وتشديد الرّاء على أنه أفعل تفضيل، ونقل الكسائي عن مجاهد أنه قرأ بضم الشين مع فتح الهمزة.
ثم أجاب سبحانه عليهم بقوله :﴿ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الكذاب الأشر ﴾ والمراد بقوله ﴿ غداً ﴾ : وقت نزول العذاب بهم في الدنيا، أو في يوم القيامة جرياً على عادة الناس في التعبير بالغد عن المستقبل من الأمر وإن بعد، كما في قولهم : إن مع اليوم غداً، وكما في قول الحطيئة :


الصفحة التالية
Icon