تتميماً لبيان أقسام الخلاص وحصره فيها، وذلك لأن الخلاص إما أن يكون لاستحقاق من يخلص عن العذاب كما أن الملك إذا عذب جماعة ورأى فيهم من أحسن إليه فلا يعذبه، وإما أن يكون لأمر في المخلص كما إذا رأى فيهم من له ولد صغير أو أم ضعيفة فيرحمه وإن لم يستحق ويكتب له الخلاص، وإما أن لا يكون فيه ما يستحق الخلاص بسببه ولا في نفس المعذب مما يوجب الرحمة لكنه لا يقدر عليه بسبب كثرة أعوانه وتعصب إخوانه، كما إذا هرب واحد من الملك والتجأ إلى عسكر يمنعون الملك عنه، فكما نفى القسمين الأولين كذلك نفى القسم الثالث وهو التمتع بالأعوان وتحزب الإخوان، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
في حسن الترتيب وذلك لأن المستحق لذاته أقرب إلى الخلاص من المرحوم، فإن المستحق لم يوجد فيه سبب العذاب والمرحوم وجد فيه ذلك، ووجد المانع من العذاب، وما لا سبب له لا يتحقق أصلاً، وماله مانع ربما لا يقوى المانع على دفع السبب، وما في نفس المعذب من المانع أقوى من الذي بسبب الغير، لأن الذي من عنده يمنع الداعية ولا يتحقق الفعل عند عدم الداعية، والذي من الغير بسبب التمتع لا يقطع قصده بل يجتهد وربما يغلب فيكون تعذيبه أضعاف ما كان من قبل، بخلاف من يرق له قلبه وتمنعه الرحمة فإنها وإن لم تمنعه لكن لا يزيد في حمله وحبسه وزيادته في التعذيب عند القدرة، فهذا ترتيب في غاية الحسن.
المسألة الثانية :