وروي عن عائشة عن النبي ﷺ أنه قال :" مجوس هذه الأمة القدرية " وهم المجرمون الذين سماهم الله تعالى في قوله :﴿إِنَّ المجرمين فِى ضلال وَسُعُرٍ﴾ وكثرت الأحاديث في القدرية وفيها مباحث الأول : في معنى القدرية الذين قال النبي ﷺ : نزلت الآية فيهم، فنقول : كل فريق في خلق الأعمال يذهب إلى أن القدري خصمه، فالجبري يقول القدري من يقول : الطاعة والمعصية ليستا بخلق الله وقضائه وقدره، فهم قدرية لأنهم ينكرون القدر والمعتزلي يقول : القدري هو الجبري الذي يقول حين يزني ويسرق الله قدرني فهو قدري لإثباته القدر، وهما جميعاً يقولان لأهل السنة الذي يعترف بخلق الله وليس من العبد إنه قدري، والحق أن القدري الذي نزلت فيه الآية هو الذي ينكر القدر ويقول بأن الحوادث كلها حادثة بالكواكب واتصالاتها ويدل عليه قوله جاء مشركو قريش يحاجون رسول الله ﷺ في القدر فإن مذهبهم ذلك، وما كانوا يقولون مثل ما يقول المعتزلة إن الله خلق لي سلامة الأعضاء وقوة الإدراك ومكنني من الطاعة والمعصية، والله قادر على أن يخلق في الطاعة إلجاء والمعصية إلجاء، وقادر على أن يطعم الفقير الذي أطعمه أنا بفضل الله، والمشركون كانوا يقولون :﴿أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء الله أَطْعَمَهُ﴾ [ يس : ٤٧ ] منكرين لقدرة الله تعالى على الإطعام، وأما قوله ﷺ :" مجوس هذه الأمة هم القدرية " فنقول : المراد من هذه الأمة، إما الأمة التي كان محمد ﷺ مرسلاً إليهم سواء آمنوا به أو لم يؤمنوا كلفظ القوم، وإما أمته الذين آمنوا به فإن كان المراد الأول فالقدرية في زمانه هم المشركون الذين أنكروا قدرة الله على الحوادث فلا يدخل فيهم المعتزلة، وإن كان المراد هو الثاني فقوله :


الصفحة التالية
Icon