فانطلقوا هراباً مسرعين إلى الباب لا يهتدون إليه ولا يقعون عليه بل يصادمون الجدران خوفاً مما هو أعظم من ذلك وهم يقولون : عند لوط أسحر الناس، وما أدتهم عقولهم أن يؤمنوا فينجوا أنفسهم مما حل بهم، قال القشيري : وكذلك أجرى الله سبحانه سنته في أوليائه بأن يطمس على قلوب أعدائهم حتى يلتبس عليهم كيف يؤذون أولياءه ويخلصهم من كيدهم.
ولما كان أول عذابهم قال :﴿فذوقوا﴾ أي فتسبب عن ذلك أن قال قائل عن الله بلسان القال أو الحال : أيها المكذبون ذوقوا بسبب تكذيبكم لرسلي في إنذارهم ﴿عذابي ونذر﴾ أي وعاقبة إنذاري على ألسنة رسلي.
ولما كان بقاؤهم بعد هذا على حال كفرهم عجباً إذ العادة قاضية بأن من أخذ ارعوى ولو كان أفجر الخلق، وسأل العفو عنه صدقاً أو كذباً خداعاً ومكراً ليخلص مما هو فيه.
بثباتهم على تكذيبهم حتى عذبوا على قرب العهد فقال مقسماً :﴿ولقد صبحهم﴾ أي أتاهم في وقت الصباح، وحقق المعنى بقوله :﴿بكرة﴾ أي في أول النهار العذاب، ولو كان أول نهارك الذي أنت به كان معرفة فامتنع.
﴿عذاب﴾ أي قلع بلادهم ورفعها ثم قلبها، وحصبها بحجارة من نار وخسفها وغمرها بالماء المنتن الذي لا يعيش به حيوان ﴿مستقر﴾ أي ثابت عليهم غير مزايل بخيال ولا سحر كما قالوا عند الطمس فإنه أهلكهم فاتصل بعذاب البرزخ المتصل بعذاب القيامة المتصل بالعذاب الأكبر في الطبقة التي تناسب أعمالهم من عذاب النار فقال لهم لسان الحال إن لم ينطلق لسان القال :﴿فذوقوا﴾ بسبب أعمالكم ﴿عذابي ونذر ﴾.


الصفحة التالية
Icon