وقال الفراء :
سُورَة الرَّحْمَن جلّ وَعلا
﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾
قوله عز وجل: ﴿بِحُسْبَانٍ...﴾. حساب ومنازل [/ب] للشمس والقمر لا يعدوانها.
﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾
وقوله: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ...﴾. النجم: ما نجم مثل: العشب، وَالبقل وشبهه. والشجر: ما قام على ساق. ثم قال: يسجدان، وسجودهما: أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت، ثم يميلان معها حتى ينكسر الفىء، والعرب إذا جمعت الجمعين من غير الناس مثل: السدر، والنخل جعلوا فعلهما واحداً، فيقولون: الشاء والنعم قد أقبل، وَالنخل والسدر قد ارتوى، فهذا أكثر كلامهم، وتثنيته جائزة.
قال الكسائى: سمعت العرب تقول: مرت بنا غنمان سودان وَسود.
قال الفراء: وسود أجود من سودان ؛ لأنه نعت تأتى على الاثنين، فإذا كان أحد الاثنين مؤنثاً مثل: الشاء والإبل قالوا: الشاء والإبل مقبلة ؛ لأن الشاء ذكر، والإبل أنثى، ولو قلت: مقبلان لجاز، ولو قلت: مقبلتان تذهب إلى تأنيث الشاء مع تأنيث الإبل كان صواباً، إلا أن التوحيد أكثر وأجود.
فإذا قلت: هؤلاء قومك وإبلهم قد أقبلوا ذهب بالفعل إلى الناس خاصة ؛ لأن الفعل لهم، وهم الذين يقبلون بالإبل، ولو أردت إقبال هؤلاء وهؤلاء لجاز ـ قد أقبلوا ؛ لأن الناس إذا خالطهم شىء من البهائم، صار فعلهم كفعل الناس كما قال:
﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ المَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ﴾ فصارت الناقة بمنزلة الناس.
ومنه قول الله عز وجل: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِى عَلَى بَطْنِهِ﴾، و "مَنْ" إنما تكون للناس، فلما فسَّرهم وقد كانوا اجتمعوا فى قوله: ﴿وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ دَابّةٍ مِنْ مَاءٍ﴾ فسرهم بتفسير الناس.
﴿ وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾
وقوله: ﴿وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا...﴾ فوق الأرض ﴿وَوَضَعَ الْمِيزَانَ...﴾. فى الأرض وهو العدل.


الصفحة التالية
Icon