وقوله: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ...﴾. وإنما ذكر فى أول الكلام: الإنسان ففى ذلك وجهان:
أحدهما: أن العرب تخاطب بفعل الاثنين، فيقال: ارحلاها، ازجراها يا غلام.
والوجه الآخر: أن الذِّكر أريد فى الإنسان والجان، فجرى لهما من أول السورة إلى آخرها.
﴿ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ﴾
وقوله: ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ...﴾.
وهو طين خُلط برمل، فصلصل كما يصلصل الفخار، ويقال: من صلصال منتن يريدون به: صلّ، فيقال: صلصال كما يقال: صرّ الباب عند الإغلاق، وصرصر، والعرب تردد اللام فى التضعيف فيقال: كركرت الرجلَ يريدون: كررْته وكبكبته، يريدون: كببته.
وسمعت بعض العرب يقول: أتيت فلانا فبشبش بى من البشاشة، وإنما فعلوا ذلك كراهية اجتماع ثلاثة أحرف من جنس واحد.
﴿ وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ﴾
وقوله: ﴿مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ...﴾.
والمارج: نار دون الحجاب ـ فيما ذكر الكلبى ـ منها هذه الصواعق، ويُرى جلد السماء منها.
﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾
وقوله: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ...﴾.
اجتمع القراء على رفعه، ولو خفض يعنى فى الإعراب على قوله: فبأى آلاء ربكما، ربّ المشرقين كان صوابا.
والمشرقان: مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، وكذلك المغربان.
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ﴾
وقوله: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ...﴾. يقول: أرسلهما ثم يلتقيان بعد.
﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ﴾
وقوله: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ...﴾.
حاجز لا يبغيان: لا يبغى العذب على الملح فيكونا عذبا، ولا يبغى الملح على العذب فيكونا ملحا
﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾
وقوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ...﴾.
وإنما يخرج من الملح دون العذب. واللؤلؤ: العظام، والمرجان: ما صغر من اللؤلؤ.