وقال بيان الحق الغزنوى :
سورة الرحمن
(الشمس والقمر بحسبان) [٥] أي: يجريان بحساب. (والنجم والشجر/يسجدان) [٦] [والنجم]: النبات الذي نجم في الأرض وانبسط فيها، ليس له ساق. والشجر: ما قام على ساق. وسجودهما: ما فيهما من آثار الصنعة الخاضعة لمن أخرجها. وقيل: إمكانهما من الجني والريع، وتذليل الله إياهما للانتفاع بهما. وقيل: سجودهما دوران ظلهما مع الشمس [كيفما دارت].
كما قال الحطيئة: ١١٩٧- بمستأسد القريان حو [تلاعه فنواره] ميل إلى الشمس زاهره. (والسماء رفعها ووضعها الميزان) [٧] أي: العدل. (ألا تطغوا في الميزان) [٨] في هذا الميزان يتزن به الناس. (ولا تخسروا الميزان) [٩] [ميزان] الأعمال يوم القيامة. [فتلك] ثلاثة موازين، فلا تحسبه ميزاناً واحداً.
ويندفع على هذا التأويل قول الطاعن: ما معنى الجمع بين آلة الوزن والسماء؟ وأين الميزان من السماء؟ وإنما يوصل الشيء بحسبه وشبهه. فالعدل الذي أولنا به الميزان شبه السماء في اللفظ، به قامت السموات والأرض، وعلى أن هذا القائل إنما أتي من قبل نظره في شخص الميزان وصغره، ولو نظر إلى مبلغ الحاجة إليه، لاستعظم من أمره من استصغر، مع ما في النفوس من الظلم ما يبعد عن العدل في التعامل لولا الميزان، ألا ترى إلى قوله تعالى: (أنزل الكتاب بالحق والميزان)، [إذ] كان الكتاب يتضمن حفظ العدل، والميزان: يظهر العدل، فقرن آلة العمل إلى آلة العلم، ومن اعتبر حال الميزان بحجمه دون منافعه، كان كمن اعتبر القلم بشخصه إذ رآه قطعة قصب، وقد عظمه الله في قوله: (ن والقلم)، وقوله: (الذي علم بالقلم). وأيضاً فإن للميزان مشاركة مع معرفة السماء في خاصية/، فإن [دوران] السيارات يعرف بنسبة أبعادها من الثوابت كما في كتب الهيئة،


الصفحة التالية
Icon