"فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ" زرقة عيونهم واسوداد وجوههم، حمانا اللّه من ذلك "فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي" منهم تارة "وَالْأَقْدامِ" (٤١) أخرى ويزجون في النّار "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" (٤٢) ثم يقال لهم من قبل ملائكة العذاب "هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ" (٤٣) أمثالكم تبكيتا وتقريعا لهم "يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ" (٤٤) ماء بالغ أقصى حرارته لأنهم إذا استغاثوا من عذاب النار أغيثوا بالحميم وبالعكس "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" (٤٥).
مطلب أن الآيات نقم على أناس، نعم على آخرين ومزية الخوف من اللّه تعالى :
واعلم أن هذه الآيات من قوله تعالى (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) إلى هنا كما أنها نقم على العصاة هي مواعظ أيضا وزواجر يخوف اللّه بها عباده كي يتباعدوا عن الأسباب المؤدية إليها، فإذا اتعظوا كانت عليهم نعما، ولذلك ختمت بالآية المكررة
الواقعة موقع الاستفهام عن نعمه تعالى على عباده.
وبعد أن ذكر جل ذكره ما أوعد به الكافرين أعقبه ببيان ما وعد به المؤمنين فقال "وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ" (٤٦) واحدة لقاء عمله في الدّنيا من طاعة وصدقة وبرّ وتركه المعاصي خوفا من اللّه وعمله الطّاعات طمعا بفضل اللّه، وأخرى تفضلا منه تعالى إيفاء بوعده المبين بقوله جل قوله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) الآية ٢٧ من سورة يونس في ج ٢، لأنه لا يخافه حق خوفه إلّا العارف العالم.