"فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" (٦١) وقال بعض المفسرين أن الجنتين المتقدمتين واحدة للإنس وواحدة للجن، ولكن ما جرينا عليه أولى لما تقدم في الآية ٢٧ من سورة الأعراف ج ١ بأن الجن يكونون بفناء الجنّة.
ثم ذكر اللّه تعالى جنتين أخريين بقوله "وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ" (٦٢) أي أمامها وقبلها أفضل منهما، لأن الجنتين الأوليين لأصحاب اليمين وهاتين للمقربين اللهم أهلنا لأيهما شئت "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" (٦٣) روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري أن النّبي صلّى اللّه عليه وسلم قال جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم أن ينظروا إلى ربهم إلّا رداء الكبرياء على وجهه في عدن.
ثم بدأ يصفهما كما وصف أولاهما آنفا فقال "مُدْهامَّتانِ" (٦٤) لشدة خضرتهما صارا يقربان إلى السّواد "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ" (٦٦) فوارتان تدفعان الماء إلى العلو مثل المضخات الموجودة الآن، ولكن هذه بآلة وتعب وتكاليف ومعرضة
للخراب ولمسافة معلومه وتلك بقدرة القادر أبدية طبيعية مسافتها كما يشتهي طالبها والنّاظر إليها إن أراد أن ترتفع مدى النّظر ارتفعت وإن أراد أن تنحط انحطت حسبما يستحسنه الرّائي ويتمناه المتمني ولا تحتاج إلى شيء "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ" (٦٨) ومن أنواعهما ألوان، وإنما خصهما لأن التمر فاكهة وغداء والرّمان فاكهة ودواء وفائدة عطفهما على الفاكهة مع دخولهما فيها لما ذكرنا ولفصلها على جميع الفواكه كما يشير إليه تنوين التنكير فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ" بالأخلاق والآداب حِسانٌ" (٧٠) بالوجوه وتناسب الأعضاء ويظهرن لأزواجهن حسبما يرغبون


الصفحة التالية
Icon