" فصل فى ذكر قراءات السورة كاملة "
قال العلامة ابن جنى :
سورة الرحمن جل وعز :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قرأ أبو السمال :"وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا١"، رفع.
قال أبو الفتح : الرفع هنا أظهر قراءة الجماعة ؛ وذلك أنه صرف إلى الابتداء ؛ لأنه عطفه على الجملة الكبيرة التي هي قوله "تعالى" :﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ٢﴾، فكما أن هذه الجملة مركبة من مبتدأ وخبر، فكذلك قوله تعالى :﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾ جملة من مبتدأ وخبر، معطوفة على قوله :﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾.
وأما قراءة العامة بالنصب :﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾ فإنها معطوفة على "يسجدان" وحدها، وهي جملة من فعل وفاعل، والعطف يقتضي التماثل في تركيب الجمل، فيصير تقديره : يسجدان، ورفع السماء. فلما أضمر "رفع" فسره بقوله :"رفعها"، كقولك : قام زيد، وعمرا ضربته، أي : وضربت عمرا ؛ لتعطف جملة من فعل وفاعل على أخرى مثلها.
وفي نصب "السماء" على قراءة العامة رد على أبي الحسن في امتناعه أن يقول : زيد ضربته وعمر كلمته، على أن يكون تقديره : وكلمت عمرا، عطفا على ضربته، قال : لأن قولك :"ضربته" جملة ذات موضع من الإعراب ؛ لكونها خبر مبتدأ، وقولك : وكلمت عمرا لا موضع لها من الإعراب ؛ لأنها ليست خبرا عن زيد ؛ لخلوها من ضميره، قال : فلا يعطف جملة غير ذات موضع على جملة ذات موضع ؛ إذ العطف نظير التثنية، فينبغي أن يتناسب المعطوف والمعطوف عليه.
وهذا ساقط عند٣ سيبويه ؛ وذلك أن ذلك الموضع من الإعراب لما لم يخرج إلى اللفظ سقط حكمه، وجرت الجملة ذات الموضع كغيرها من الجملة غير ذات الموضع، كما أن الضمير
١ سورة الرحمن : ٧.
٢ سورة الرحمن : ٦.
٣ فلي نسختي الأصل : عن، وهو تحريف.


الصفحة التالية
Icon