في البحرين وجوه أحدها : بحر السماء وبحر الأرض ثانيها : البحر الحلو والبحر المالح كما قال تعالى :﴿وَمَا يَسْتَوِى البحران هذا عَذبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ [ فاطر : ١٢ ] وهو أصح وأظهر من الأول ثالثها : ما ذكر في المشرقين وفي قوله :﴿تُكَذّبَانِ﴾ إنه إشارة إلى النوعين الحاصرين فدخل فيه بحر السماء وبحر الأرض والبحر العذب والبحر المالح، رابعها : أنه تعالى خلق في الأرض بحاراً تحيط بها الأرض وببعض جزائرها يحيط الماء وخلق بحراً محيطاً بالأرض وعليه الأرض وأحاط به الهواء كما قال به أصحاب علم الهيئة وورد به أخبار مشهورة، وهذه البحار التي في الأرض لها اتصال بالبحر المحيط، ثم إنهما لا يبغيان على الأرض ولا يغطيانها بفضل الله تعالى لتكون الأرض بارزة يتخذها الإنسان مكاناً وعند النظر إلى أمر الأرض يحار الطبيعي ويتلجلج في الكلام، فإن عندهم موضع الأرض بطبعه أن يكون في المركز ويكون الماء محيطاً بجميع جوانبه، فإذا قيل لهم : فكيف ظهرت الأرض من الماء ولم ترسب يقولون لانجذاب البحار إلى بعض جوانبها، فإن قيل : لماذا انجذب ؟ فالذي يكون عنده قليل من العقل يرجع إلى الحق ويجعله بإرادة الله تعالى ومشيئته، والذي يكون عديم العقل يجعل سببه من الكواكب وأوضاعها واختلاف مقابلاتها، وينقطع في كل مقام مرة بعد أخرى، وفي آخر الأمر إذا قيل له : أوضاع الكواكب لم اختلفت على الوجه الذي أوجب البرد في بعض الأرض دون بعض آخر صار كما قال تعالى :﴿فَبُهِتَ الذى كَفَرَ﴾ [ البقرة : ٢٥٨ ] ويرجع إلى الحق إن هداه الله تعالى.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية
Icon