كيف صرح بذكر المفعولين في علمه البيان ولم يصرح بهما في علم القرآن نقول : أما إن قلنا : إن المراد من قوله علم القرآن هو أنه علم الإنسان القرآن، فنقول حذفه لعظم نعمة التعليم وقدم ذكره على من علمه وعلى بيان خلقه، ثم فصل بيان كيفية تعليم القرآن، فقال :﴿خَلَقَ الإنسان * عَلَّمَهُ﴾ وقد بين ذلك، وأما إن قلنا : المراد ﴿عَلَّمَ القرءان﴾ الملائكة فلأن المقصود تعديد النعم على الإنسان ومطالبته بالشكر ومنعه من التكذيب به، وتعليمه للملائكة لا يظهر للإنسان أنه فائدة راجعة إلى الإنسان (١) وأما تعليم الإنسان فهي نعمة ظاهرة، فقال :﴿عَلَّمَهُ البيان﴾ أي علم الإنسان تعديداً للنعم عليه ومثل هذا قال في :﴿اقرأ﴾ قال مرة :﴿عَلَّمَ بالقلم﴾ من غير بيان المعلم، ثم قال مرة أخرى :﴿عَلَّمَ الإنسان ما لَمْ يَعْلَمْ﴾ وهو البيان، ويحتمل أن يتمسك بهذه الآية على أن اللغات توقيفية حصل العلم بها بتعليم الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ٧٣ ـ ٧٦﴾

(١) أقول : إن كان اطراد علم الملائكة فيه نعمة أعظم على الإنسان وإشارة إلى نوع المنة التي أنعم بها عليه بالقرآن وإلى شرف القرآن بأنه مما تعلمه الملائكة ولا ريب أن الملائكة وقد نزلوا بالقرآن على محمد صلى اللَّه عليه وسلم وحملوه إليه فإن علمهم به ولا شك ألزم وإنزال ملائكة موصوفين بالعلم على الرسول فيه تبجيل للرسول ولأمته وللقرآن نفسه، وبهذا تظهر الفائدة في إرادة هذا المعنى ربما تعين هذا المراد مراعاة للترتيب الذي في الآية، ووقوع خلق الإنسان بعد خلقه الملائكة. [.....]


الصفحة التالية
Icon