ولما كان الريحان يطلق على كل نبت طيب الرائحة خصوصاً، وعلى كل نبت عموماً، أتبعه به ليعم ويخص جميع ما ذكر من سائر النبات وغيره على وجه مذكر بنعمه بغذاء الأرواح بعد ما ذكر غذاء الأشباح فقال :﴿والريحان﴾ ولما كان من كفر به سبحانه بإنكاره أو إنكار شيء من صفاته، أو كذب بأحد من رسله قد أنكر نعمه أو نعمة منها فلزمه بانكاره لتلك النعمة إنكار جميع النعم، لأن الرسل داعية إلى الله بالتذكير بنعمه، وكان ما مضى من هذه السورة إلى هنا اثنتي عشرة آية على عدد الكوفي والشامي، عدد فيها أصول نعمه سبحانه على وجه دل بغاية البيان على أن له كل كمال، وكان هذا العدد أول عدد زائد إشارة إلى تزايد النعم لأن كسوره النصف والثلث الربع والسدس تزيد على أصله، وكان قد مضى ذكر الثقلين الجن والإنس في قوله ﴿الأنام﴾ قال تعالى إشارة إلى أنهم المقصودون بالوعظ، منكراً موبخاً مبكتاً لمن أنكر شيئاً من نعمه أو قال قولاً أو فعل فعلاً يلزم منه إنكار شيء منها مسبباً عما مضى من تعداد هذه النعم المتزايدة التي لا يسوغ إنكارها ولا إنكار شيئ منها فيجب شكرها :﴿فبأي آلاء﴾ أي نعم عطايا ﴿ربكما﴾ أي المحسن إليكما بما أسدى من المزايا التي أسداها إليكم على وجه الكبرياء والعظمة وهي دائمة لا تنقطع من غير حاجة إلى مكافأة أحد ولا غيرها - أيها الثقلان - المدبر لكما الذي لا مدبر ولا سيد لكما غيره، من آياته وصنائعه وحكمه وحكمته وعزته في خلقه واستسلام الكل له وخضوعهما إليه، فإن كل هذه النعم الكبار آيات دالة عليه وصنائع محكمة وأحكام وحكم ظهرت بها عزته وبانت بها قدرته ﴿تكذبان﴾ فمخاطبته بهذا الثقلين دليل على أن هذه الأشياء تعم على الجن كما أنها تعم على الإنس، وأن لهم من ذلك ما لهم، وذكره لهذه الآية بعد ذكر هذا العدد من الآيات إشارة إلى أن زيادة النعم إلى حد لا يحصى بحيث أن استيفاء عددها لا تحيط به عقول المكلفين لئلا يظنوا أنه لا