وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ الرحمن ﴾ بناء مبالغة من الرحمة، وهو اسم اختص الله تعالى بالاتصاف به، وحكى ابن فورك عن قوم أنهم يجعلون ﴿ الرحمن ﴾ آية تامة، كأن التقدير :﴿ الرحمن ﴾ ربنا، قاله الرماني أو أن التقدير : الله ﴿ الرحمن ﴾. وقال الجمهور إنما الآية :﴿ الرحمن علم القرآن ﴾ فهو جزء آية.
وقوله :﴿ علم القرآن ﴾ تعديد نعمة أي هو من به وعلمه الناس، وخص حفاظه وفهمته بالفضل. قال رسول الله ﷺ :" خيركم من تعلم القرآن وعلمه ". ومن الدليل على أن القرآن غير مخلوق : أن الله تعالى ذكر ﴿ القرآن ﴾ في كتابه في أربعة وخمسين موضعاً ما فيها موضع صرح فيه بلفظ الخلق ولا أشار إليه، وذكر ﴿ الإنسان ﴾ على الثلث من ذلك في ثمانية عشر موضعاً، كلها نصت على خلقه، وقد اقترن ذكرهما في هذه السورة على هذا النحو، و: ﴿ الإنسان ﴾ اسم الجنس، حكاه الزهراوي وغيره. و: ﴿ البيان ﴾ النطق والفهم والإبانة عن ذلك بقول قاله ابن زيد والجمهور، وذلك هو الذي فضل الإنسان من سائر الحيوان، وقال قتادة : هو بيان الحلال والحرام والشرائع، وهذا جزء من ﴿ البيان ﴾ العام، وقال قتادة :﴿ الإنسان ﴾ آدم. وقال ابن كيسان :﴿ الإنسان ﴾ : محمد صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي أبو محمد : وهذا التخصيص لا دليل عليه، وكل المعلومات داخلة في البيان الذي علمه الإنسان، فكأنه قال من ذلك البيان وفيه معتبر كون ﴿ الشمس والقمر بحسبان ﴾ فحذف هذا كله، ورفع ﴿ الشمسُ ﴾ بالابتداء، وهذا ابتداء تعديد نعم.


الصفحة التالية
Icon