قال ابن درباس : وقد أكثر أهل الزَّيْغ القولَ على مَن تمسّك بالكتاب والسُّنة أنهم مقلِّدون. وهذا خطأ منهم، بل هو بهم أَلْيَق وبمذاهبهم أَخْلَق ؛ إذ قبلوا قول ساداتهم وكبرائهم فيما خالفوا فيه كتاب الله وسُنّة رسوله وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ؛ فكانوا داخلين فيمن ذَمّهم الله بقوله :﴿رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا﴾ [الأحزاب : ٦٧] إلى قوله :﴿كَبِيراً﴾ وقوله :﴿إِنَّا وَجَدْنَا آباءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُون﴾ [الزخرف : ٢٣]. ثم قال لنبيّه :﴿قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بأهدى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قالوا إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف : ٢٤] ثم قال لنبيّه ـ عليه السلام ـ ﴿فانتقمنا مِنْهُمْ﴾ الآية. فبيّن تعالى أن الهُدَى فيما جاءت به رسله عليهم السلام. وليس قول أهل الأثر في عقائدهم : إنا وجدنا أئمتنا وآباءنا والناس على الأخذ بالكتاب والسُّنة وإجماع السلف الصالح من الأمة، من قولهم : إنا وجدنا آباءنا وأطعنا سادتنا وكبراءنا بسبيل ؛ لأن هؤلاء نَسبوا ذلك إلى التنزيل وإلى متابعة الرسول ؛ وأولئك نَسبوا إفْكَهم إلى أهل الأباطيل، فازدادوا بذلك في التضليل ؛ ألا ترى أن الله سبحانه أثنى على يوسف ـ عليه السلام ـ في القرآن حيث قال :﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بالله وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ واتبعت مِلَّةَ آبآئي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بالله مِن شَيْءٍ ذلك مِن فَضْلِ الله عَلَيْنَا وَعَلَى الناس﴾