ولما كان التقدير : فمثلهم حينئذ كمن تبع أعمى في طريق وعر خفي في فلوات شاسعة كثيرة الخطر عطف عليه ما يرشد إلى تقديره من قوله منبهاً على أنهم صاروا بهذا كالبهائم بل أضل لأنها وإن كانت لا تعقل فهي تسمع وتبصر فتهتدي إلى منافعها.
أهـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣١٢ـ ٣١٣﴾
قال الفخر :
اعلم أنهم اختلفوا في الضمير في قوله :﴿لَهُمْ﴾ على ثلاثة أقوال أحدها : أنه عائد على ﴿مِنْ﴾ في قوله :﴿مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَادًا﴾ [البقرة : ١٦٥] وهم مشركو العرب، وقد سبق ذكرهم وثانيها : يعود على ﴿الناس﴾ في قوله :﴿يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا الناس﴾ [البقرة : ٢١] فعدل عن المخاطبة إلى المغايبة على طريق الالتفات مبالغة في بيان ضلالهم، كأنه يقول للعقلاء : انظروا إلى هؤلاء الحمقى ماذا يقولون وثالثها : قال ابن عباس : نزلت في اليهود، وذلك حين دعاهم رسول الله إلى الإسلام، فقالوا : نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا خيرا منا، وأعلم منا، فعلى هذا الآية مستأنفة، والكناية في ﴿لَهُمْ﴾ تعود إلى غير مذكور، إلا أن الضمير قد يعود على المعلوم، كما يعود على المذكور.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٦﴾
وقال الآلوسى :
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبعوا مَا أَنزَلَ الله﴾ الضمير للناس والعدول عن الخطاب إلى الغيبة للتنبيه على أنهم لفرط جهلم وحمقهم ليسوا أهلاً للخطاب بل ينبغي أن يصرف عنهم إلى من يعقله، وفيه من النداء لكل أحد من العقلاء على ضلالتهم ما ليس إذا خوطبوا بذلك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢صـ ٤٠﴾


الصفحة التالية
Icon