كيف ثنى الضمير في قوله :﴿عَلَيْكُمَا﴾ مع أنه جمع قبله بقوله :﴿إِنِ استطعتم﴾ [ الرحمن : ٣٣ ] والخطاب مع الطائفتين وقال :﴿فَلاَ تَنتَصِرَانِ﴾ وقال من قبل :﴿لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بسلطان﴾ [ الرحمن : ٣٣ ] نقول : فيه لطيفة، وهي أن قوله :﴿إِنِ استطعتم﴾ لبيان عجزهم وعظمة ملك الله تعالى، فقال : إن استطعتم أن تنفذوا باجتماعكم وقوتكم فانفذوا، ولا تستطيعون لعجزكم فقد بان عند اجتماعكم واعتضادكم بعضكم ببعض فهو عند افتراقكم أظهر، فهو خطاب عام مع كل أحد عند الانضمام إلى جميع من عداه من الأعوان والإخوان، وأماقوله تعالى :﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا﴾ فهو لبيان الإرسال على النوعين لا على كل واحد منهما لأن جميع الإنس والجن لا يرسل عليهم العذاب والنار، فهو يرسل على النوعين ويتخلص منه بعض منهما بفضل الله ولا يخرج أحد من الأقطار أصلاً، وهذا يتأيد بما ذكرنا أنه قال : لا فرار لكم قبل الوقوع، ولا خلاص لكم عند الوقوع لكن عدم الفرار عام وعدم الخلاص ليس بعام والجواب الثاني : من حيث اللفظ، هو أن الخطاب مع المعشر فقوله :﴿إِنِ استطعتم﴾ أيها المعشر وقوله :﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا﴾ ليس خطاباً مع النداء بل هو خطاب مع الحاضرين وهما نوعان وليس الكلام مذكوراً بحرف واو العطف حتى يكون النوعان مناديين في الأول وعند عدم التصريح بالنداء فالتثنية أولى كقوله تعالى :﴿فَبِأَيِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا﴾ وهذا يتأيد بقوله تعالى :﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان﴾ [ الرحمن : ٣١ ] وحيث صرح بالنداء جمع الضمير، وقال بعد ذلك :﴿فَبِأَيِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا﴾ حيث لم يصرح بالنداء.
المسألة الثالثة :