ولما كان الاختصاص بالشيء لا سيما المرأة من أعظم الملذذات قال :﴿لم يطمثهن﴾ أي يجامعهن ويتسلط عليهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه نوع من أنواع السلطة سواء من إنسيات أو جنيات أو غير ذلك، يقال : طمثت المرأة كضرب وفرح : حاضت، وطمثها الرجل : افتضها وأيضاً جامعها، والبعير عقلته، فكأنه قيل : هن أبكار لم يخالط موضع الطمث منهن ﴿إنس﴾ ولما كان المراد تعميم الزمان أسقط الجارّ فقال :﴿قبلهم﴾ أي المتكئين ﴿ولا جان﴾ وقد جمع هذا كل من يمكن منه جماع من ظاهر وباطن، وفيه دليل على أن الجني يغشى الإنسي كما نقل عن الزجاج ﴿فبأيِّ آلاء ربكما﴾ أي النعم الجسام من المربي الكامل العلم الشامل القدرة القيوم ﴿تكذبان﴾ أبنعمة اللمس من جهة اليمنى أم غيرها مما جعله الله لكم مثالاً لهذا من الأبكار الحسان، أو غير ذلك من أنواع الإحسان.
ولما دل ما تقدم من وصف المستمتع بهن بالعزة والنفاسة، زاده على وجه أفاد أنه يكون بهن غاية ما يكون من سكون النفس وقوة القلب وشدة البدن واعتدال الدم وغير ذلك من خواص ما شبههن به فقال :﴿كأنهن الياقوت﴾ الذي هو في صفاته بحيث يشف عن سلكه وهو جوهر معروف، قال في القاموس : أجوده الأحمر الرماني نافع للوسواس والخفقان وضعف القلب شرباً ولجمود الدم تعليقاً :﴿والمرجان﴾ في بياضه، وصغار الدر أنصع بياضاً، قال أبو عبد الله القزاز : والمرجان صغار اللؤلؤ، وهذا الذي يخرج من نبات البحر أحمر معروف - انتهى.