الفاء في الأصل للتعقيب على وجوه ثلاثة منها : التعقيب الزماني للشيئين اللذين لا يتعلق أحدهما بالآخر عقلاً كقوله قعد زيد فقام عمرو، لمن سألك عن قعود زيد وقيام عمر، وإنهما كانا معاً أو متعاقبين ومنها : التعقيب الذهني للذين يتعلق أحدهما بالآخر كقولك : جاء زيد فقام عمرو إكراماً له إذ يكون في مثل هذا قيام عمرو مع مجيء زيد زماناً ومنها : التعقيب في القول كقولك : لا أخاف الأمير فالملك فالسلطان، كأنك تقول : أقول لا أخاف الأمير، وأقول لا أخاف الملك، وأقول لا أخاف السلطان، إذا عرفت هذا فالفاء هنا تحتمل الأوجه جميعاً، أما الأول : فلأن إرسال الشواظ عليهم يكون قبل انشقاق السموات، ويكون ذلك الإرسال إشارة إلى عذاب القبر، وإلى ما يكون عند سوق المجرمين إلى المحشر، إذ ورد في التفسير أن الشواظ يسوقهم إلى المحشر، فيهربون منها إلى أن يجتمعوا في موضع واحد، وعلى هذا معناه يرسل عليكما شواظ، فإذا انشقت السماء يكون العذاب الأليم، والحساب الشديد على ما سنبين إن شاء الله وأما الثاني : فوجهه أن يقال : يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فيكون ذلك سبباً لكون السماء تكون حمراء، إشارة إلى أن لهيبها يصل إلى السماء ويجعلها كالحديد المذاب الأحمر، وأما الثالث : فوجهه أن يقال : لما قال :﴿فَلاَ تَنتَصِرَانِ﴾ [ الرحمن : ٣٥ ] أي في وقت إرسال الشواظ عليكما قال : فإذا انشقت السماء وصارت كالمهل، وهو كالطين الذائب، كيف تنتصران ؟ إشارة إلى أن الشواظ المرسل لهب واحد، أو فإذا انشقت السماء وذابت، وصارت الأرض والجو والسماء كلها ناراً فكيف تنتصران ؟.
المسألة الثانية :