﴿ يُعْرَفُ المجرمون بسيماهم ﴾ استئنافٌ يَجْرِي مَجْرى التعليلِ لعدمِ السؤالِ، قيلَ : يُعرفونَ بسوادِ الوجوهِ وزرقةِ العُيونِ، وقيلَ : بما يعلُوهم منِ الكآبةِ والحُزنِ ﴿ فَيُؤْخَذُ بالنواصى والأقدام ﴾ الجارُّ والمجرورُ هُو القائمُ مقامَ الفاعلِ، يُقَالُ أخذَهُ إِذَا كانَ المأخوذُ مقصوداً بالأخذِ، ومنه قولُه تعالى :﴿ خُذُواْ حِذْرَكُمْ ﴾ ونحُوه. وأخذَ بهِ إذَا كانَ المأخوذُ شيئاً من ملابساتِ المقصودِ بالأخذِ منه قولُه تعالى :﴿ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى ﴾ وقولُ المستغيثِ خُذْ بيدِي أخذَ الله بيدِك. أيْ يُجمعُ بين نواصِيهم وأقدامِهم في سلسلةٍ من وراءِ ظُهورِهم، وقيلَ : تسحبُهم الملائكةُ، تارةً تأخذُ بالنَّواصِي وتارةً تأخذُ بالأقدامِ. ﴿ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ﴾. وقولُه تعالَى :
﴿ هذه جَهَنَّمُ التى يُكَذّبُ بِهَا المجرمون ﴾ على إرادةِ القولِ، أيْ يقالُ لهُم ذلكَ بطريقِ التوبيخِ على أنَّ الجملةَ إمَّاستئنافٌ وقعَ جواباً عن سؤالٍ ناشىءٍ من حكايةِ الأخذِ بالنَّواصِي والأقدامِ، كأنَّه قيلَ : فماذا يفعلُ بهِم عندَ ذلكَ فقيلَ يقالُ إلخ. أو حالٌ من أصحابِ النواصِي والأقدامِ، لأنَّ الألفَ واللامَ عوضٌ عن المضافِ إليهِ وما بينَهما اعتراضٌ. ﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا ﴾ أي بينَ النَّارِ يُحرقُون بَها ﴿ وَبَيْنَ حَمِيمٍ أن ﴾ ماءٍ بالغٍ من الحرارةِ أقصَاها يُصبُّ عليهم أو يُسقون منْهُ، وقيلَ : إذَا استغاثُوا من النارِ أغيثُوا بالحميمِ. ﴿ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ﴾ وقد أُشيرَ إلى سرِّ كونِ بيانِ أمثالِ هذه الأمورِ من قبيلِ الآلاءِ مِرَاراً. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon