قرأ الجمهور :﴿ سنفرغ ﴾ بالنون وضمّ الراء، وقرأ حمزة والكسائي بالتحتية مفتوحة مع ضم الرّاء، أي : سيفرغ الله، وقرأ الأعرج بالنون مع فتح الراء.
قال الكسائي : هي لغة تميم، وقرأ عيسى الثقفي بكسر النون وفتح الراء، وقرأ الأعمش وإبراهيم بضمّ الياء وفتح الراء على البناء للمفعول، وسمي الجنّ والإنس ثقلين لعظم شأنهما بالنسبة إلى غيرهما من حيوانات الأرض، وقيل : سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض أحياءً، وأمواتاً كما في قوله :﴿ وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٢ ] وقال جعفر الصادق : سميا ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب، وجمع في قوله :﴿ لَكُمْ ﴾ ثم قال :﴿ أَيُّهَ الثقلان ﴾ ؛ لأنهما فريقان، وكل فريق جمع.
قرأ الجمهور :﴿ أيه الثقلان ﴾ بفتح الهاء، وقرأ أهل الشام بضمها.
﴿ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ﴾ فإن من جملتها ما في هذا التهديد من النعم، فمن ذلك أنه ينزجر به المسيء عن إساءته، ويزداد به المحسن إحساناً، فيكون ذلك سبباً للفوز بنعيم الدار الآخرة الذي هو النعيم في الحقيقة ﴿ يا معشر الجن والإنس ﴾ قدّم الجنّ هنا لكون خلق أبيهم متقدّماً على خلق آدم، ولوجود جنسهم قبل جنس الإنس ﴿ إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أقطار السموات والأرض ﴾ أي : إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض، ونواحيهما هرباً من قضاء الله وقدره ﴿ فانفذوا ﴾ منها، وخلصوا أنفسكم، يقال : نفذ الشيء من الشيء : إذا خلص منه، كما يخلص السهم ﴿ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بسلطان ﴾ أي : لا تقدرون على النفوذ إلاّ بقوّة وقهر، ولا قوّة لكم على ذلك ولا قدرة، والسلطان : القوّة التي يتسلط بها صاحبها على الأمر، والأمر بالنفوذ : أمر تعجيز.
قال الضحاك : بينما الناس في أسواقهم إذ انفتحت السماء، ونزلت الملائكة فهرب الجنّ، والإنس، فتحدق بهم الملائكة، فذلك قوله :﴿ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بسلطان ﴾.