فكتب بها الحجاج إلى عبد الملك بن مروان، فكتب عبد الملك بهذه الكلمات التي قالها محمد بن الحنفية، ووضعها في خزانته، فكتب إليه ملك الروم يتوعده في شيء، فكتب إليه عبد الملك بتلك الكلمات التي قالها محمد بن الحنفية، فكتب إليه صاحب الروم : والله ما هذا من كنزك، ولا من كنز أهل بيتك، ولكنها من كنز أهل بيت النبوة.
ثم قال عز وجل :﴿ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ﴾ يعني : تجحدون نعمته، وأنتم تسألون حوائجكم منه.
قوله عز وجل :﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان ﴾ أي : سنحفظ عليكم أعمالكم أيها الجن والإنس.
فنجازيكم بذلك.
وروى جبير عن الضحاك في قوله :﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان ﴾ قال : هذا وعيد من غير شغل.
إن الله تعالى لا يشغل بشيء.
وقال الزجاج : الفارغ في اللغة على ضربين.
أحدهما : الفراغ من الشغل، والآخر القصد للشيء، كما تقول سأفرغ لفلان أي : سأجعل قصدي له.
قرأ حمزة، والكسائي، ﴿ الله لَكُمْ ﴾ بالياء.
والباقون : بالنون.
وكلاهما يرجع إلى معنى واحد.
يعني : سيحفظ الله عليكم أعمالكم، ويحاسبكم بما تعملون.
ثم قال :﴿ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ﴾ يعني : ما عملتم فإنه لا ينسى، ولا يمنح ثوابه، وينصفكم من ظلمكم، فكيف تنكرون هذه النعم بأنها ليست من الله تعالى؟ واعلموا أن هذه النعم كلها من الله، فاشكروه.
فكيف تنكرون من هو يجازيكم بأعمالكم، ولا يمنع ثواب حسناتكم، وينصركم على أعدائكم؟ فهذه النعم كلها من الله، فاشكروه، ووحدوه.
ثم قال :﴿ يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم ﴾ يعني : إن قدرتم ﴿ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أقطار السموات والأرض ﴾ يعني : أن تخرجوا من أطراف السَّمَوَاتِ، والأرض، ونواحيها، ﴿ فانفذوا ﴾ يعني : فاخرجوا إن استطعتم.
قال مقاتل : هذا الخطاب للجن، والإنس في الدنيا.