﴿ أَن تَنفُذُواْ ﴾ تجوزوا ﴿ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض ﴾ أي أطرافها ﴿ فانفذوا ﴾ ومعنى الآية إن استطعتم ان تجوزوا اطراف السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا، وانما يقال لهم هذا يوم القيامة، وقال الضحاك : يعني هاربين من الموت، فأخبر أنه لا يجيرهم من الموت ولا محيص لهم منه، ولو نفذوا من أقطار السماوات والأرض كانوا في سلطان الله عز وجل وملكه، وقال ابن عباس : يعني : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا، ولن تعلموه إلاّ بسلطان يعني البيّنة من الله سبحانه.
﴿ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ﴾ أي حجة.
قال ابن عباس وعطاء : لا تخرجون من سلطان، وقيل معناه إلاّ إلى سلطاني كقوله ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بي ﴾ [ يوسف : ١٠٠ ] أي أحسن أليّ، وقال الشاعر :
أسىء بنا أفأحسني لا ملومة | لدينا ولا مقليّة إن تقلّت |
وفي الخبر " يحاط على الخلق الملائكة وبلسان من نار ثم ينادون : يا معشر الجن والإنس إن استطعتم... فذلك قوله تعالى... ".
﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ ﴾ قرأ ابن كثير وابن أبي إسحاق بكسر الشين، غيرهما بضمّه، وهما لغتان مثل صُوار من البقر، وصَوار وهو اللهب، قال حسان بن ثابت يهجو أُمية بن أبي الصلت :
هجوتك فاختضعتَ لها بذلٍّ | بقافية تأجج كالشواظ |
وقال رؤبة :إن لهم من وقعنا أقياظا | ونار حرب تسعر الشواظا |
وقال الضحاك : هو الدخان الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب
﴿ وَنُحَاسٌ ﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر السين عطفاً على النار، واختاره أبو حاتم، وقرأ الباقون بالرفع عطفاً على الشواط، واختاره أبو عبيد.
قال سعيد بن جبير : النحاس : الدخان، وهي رواية أبي صالح وابن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال النابغة :
يضيء كضوء سراج السليط | لم يجعل الله فيه نحاسا |