في الترتيب وفيه وجوه أحدها : أنه تعالى لما ختم نعم الدنيا بقوله تعالى :﴿ويبقى وَجْهُ رَبّكَ ذُو الجلال والإكرام﴾ [ الرحمن : ٢٧ ] ختم نعم الآخرة بقوله :﴿تبارك اسم رَبّكَ ذِى الجلال والإكرام﴾ إشارة إلى أن الباقي والدائم لذاته هو الله تعالى لا غير والدنيا فانية، والآخرة وإن كانت باقية لكن بقاؤها بإبقاء الله تعالى ثانيها : هو أنه تعالى في أواخر هذه السور كلها ذكر اسم الله فقال في السورة التي قبل هذه :﴿عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ﴾ [ القمر : ٥٥ ] وكون العبد عند الله من أتم النعم كذلك ههنا بعد ذكر الجنات وما فيها من النعم قال :﴿تبارك اسم رَبّكَ ذِى الجلال والإكرام﴾ إشارة إلى أن أتم النعم عند الله تعالى، وأكمل اللذات ذكر الله تعالى، وقال في السورة التي بعد هذه :﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةٍ نَعِيمٍ﴾ [ الواقعة : ٨٩ ] ثم قال تعالى في آخر السورة :﴿فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم﴾ [ الواقعة : ٩٦ ] ثالثها : أنه تعالى ذكر جميع الذات في الجنات، ولم يذكر لذة السماع وهي من أتم أنواعها، فقال :﴿مُتَّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ يسمعون ذكر الله تعالى.
المسألة الثانية :
أصل التبارك من البركة وهي الدوام والثبات، ومنها بروك البعير وبركة الماء، فإن الماء يكون فيها دائماً وفيه وجوه أحدها : دام اسمه وثبت وثانيها : دام الخير عنده لأن البركة وإن كانت من الثبات لكنها تستعمل في الخير وثالثها : تبارك بمعنى علا وارتفع شأناً لا مكاناً.
المسألة الثالثة :