وقد وصف العينان هنا بغير ما وصف به العينان في الجنتين المذكورتين، فقِيل : هما صنفان مختلفان في أوصاف الحسن يُشير اختلافهما إلى أن هاتين الجنتين دون الأولَيْن في المحاسن ولذلك جاء هنا ﴿ فيهما فاكهة ونخل ورمان ﴾، وجاء فيما تقدم ﴿ فيهما من كل فاكهة زوجان ﴾ [ الرحمن : ٥٢ ].
وقيل : الوصفان سواء، وعليه فالمخالفة بين الصنفين من الأوصاف تفنّن.
وعطف ﴿ ونخل ورمان ﴾ على ﴿ فاكهة ﴾ من باب عطف الجزئي على الكلّي تنويهاً ببعض أفراد الجنتين كما قال تعالى :﴿ وملائكته ورسله وجبريل وميكال ﴾ في سورة البقرة ( ٩٨ ).
وجاءت جمل فبأي آلاء ربكما تكذبان } معترضات بين ﴿ جنتان ﴾ وصفاتها اعتراضاً للازدياد من تكرير التقرير والتوبيخ لمن حرموا من تلك الجنات.
فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١)
ضمير ﴿ فيهن ﴾ عائد إلى الجنات الأربع الجنتين الأوليين والجنتين اللتين من دونهما فيجوز أن يكون لصاحب الجنتين الأُوَلَيْن جنتان أخريان فصارت له أربع جنات.
ويجوز أن يكون توزيعاً على من خافوا ربهم كما تقدم.
و﴿ وخيرات ﴾ صفة لمحذوف يناسب صيغة الوصف، أي نساء خَيْرات، وخيرات مخفف من خيرات بتشديد الياء مؤنث خيّر وهو المختص بأن صفته الخير ضد الشر.
وخفف في الآية طلباً لخفة اللفظ مع السلامة من اللبس بما أتبع به من وصف ﴿ حسان ﴾ الذي هو جمع حسناء كما خفف هين ولين في قول الشاعر:
هَيْنُون لَيْنُون...
ومعنى ﴿ خيرات ﴾ أنهن فاضلات النفس كرائم الأخلاق.
ومعنى حِسان : أنهم حسان الخَلْق، أي صفات الذوات.
و﴿ حور ﴾ بدل من ﴿ خيرات ﴾.
والحُور : جمع حَوراء وهي ذات الحَوَر بفتح الواو، وهو وصف مركب من مجموع شدة بياض أبيض العين وشدة سواد أسودها وهو من محاسن النساء، وتقدم عند قوله تعالى :﴿ وزوجناهم بحور عين ﴾ في سورة الدخان ( ٥٤ ).
ووصف نساء الجنتين الأوليين بقاصرات الطرف }.