" وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا * أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة... ". والقرآن الكريم يلح فى طلب النظر. واستقصاء الفكر فى هذا الوجود لمعرفة البدء والعودة! إننا موجودون يقينا فكيف وجدنا؟ والمتأمل فى النشأة الآخرة، يرى استبعادها حماقة! " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير * يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ". وقد لخصت هذه المعانى كلها فى آية قصيرة " نحن خلقناكم فلولا تصدقون ". الدليل الثانى: إن الذى خلق العالم لأول مرة لم يبذل فيه جهده ويستنفد قدرته! إنه كل يوم، بل كل ساعة، بل فى كل طرفة عين يتجدد خلقه! ويبدو ذلك فى تخلق البشر، واستقبال ذريات جديدة باستمرار.. ويتقرر هذا الدليل فى قوله تعالى " أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون * نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين * على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون". والمنى سائل عجيب! فهذا الماء المهين ـ فى منطق القادر الأعلى ـ تحمل الدفقة الواحدة منه مائتى مليون حيوان منوى. هذا الحيوان الذى لا يرى لضآلته يحمل فى كيانه كل خصائص النوع الإنسانى المادية والمعنوية. ذلك معروف من قديم. ففى قصة الملاعنة التى وردت بسورة النور يقول الرسول الكريم فى المرأة الحامل المتهمة: " إن جاءت به أكحل العينين سابغ إلاليتين خدلج الساقين، فهو لشريك بن سعماء الذى رميت به..! ". انظر كيف انتقلت الصفات الجسدية من الأب للابن عن طريق الحيوانات المنوية، وكما تنتقل هذه الصفات العقلية والخلقية! هل فى الخصيتين مصانع عالمية تديرها عصابة من العباقرة تصنع ذلك؟ لا شىء هنالك. إن هذه الغدد تأخذ مادتها من الدم، والدم يجىء من الغذاء،