وعليه فمن كانت عند موتها دون هذا السن أبلغت إليه، ومن كانت فوقه ردت إليه، لأنه سن الكمال في النساء، كما أن الأربعين سن الكمال في الرجال، ومما يدل على هذا ما رواه البغوي بسنده عن الحسن قال : أتت عجوز إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت : يا رسول اللّه أدع اللّه أن يدخلني الجنة، فقال : يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز (وهذا من جملة مزحه صلى اللّه عليه وسلم إنه كان يمزح ولا يقول إلا حقا) قال فولت تبكي قال أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن اللّه تعالى قال (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ) إلخ قال عجائز تركن الدنيا عمشا رمضا فجعناهن أبكارا إلخ.
وهذا الخير الكثير المار ذكره كله "لِأَصْحابِ الْيَمِينِ" ٣٨ وعشرة أمثاله نسأل اللّه أن يجعلنا منهم "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ٣٩ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ" ٤٠ تقدم تفسير مثله، وقد روى البغوي بإسناد الثعلبي عن عروة بن دويم قال :
لما أنزل اللّه عز وجل (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) بكى عمر رضي اللّه
عنه فقال يا نبي اللّه آمنا برسول اللّه وصدقناه، ومن ينجو منا قليل ؟ فأنزل اللّه (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمر فقال قد أنزل تعالى فيما قلت، فقال رضينا عن ديننا وتصديق نبينا، فقال صلى اللّه عليه وسلم من آدم إلينا ثلّة، ومنا إلى يوم القيامة ثلة، ولا يستتمها إلا سودان من رعاة الإبل ممن قال لا إله إلا اللّه.
وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :


الصفحة التالية
Icon