ثم بدأ يشرح أحوال الأشقياء حفظنا اللّه منهم ومما هم صائرون إليه فقال عز قوله "وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ" ٤١ فيه تهويل من عظيم ما هم صائرون إليه من شدة العذاب، لأنهم يومئذ يكونون "فِي سَمُومٍ" أشد الرياح حرا يكاد حرها يدخل في مسام الأديم "وَحَمِيمٍ" ٤٢ ماء متناه في الحرارة والغليان يعطونه إذا اشتد عطشهم فيزيد ببلائهم أجارنا اللّه من ذلك "وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ" ٤٣ دخان بالغ من السواد أقصاه، ثم وصفه بأنه "لا بارِدٍ" لأنه ناشىء عن دخان حار "وَلا كَرِيمٍ" ٤٤ لأنه لا ينفع من يأوي إليه ليستظل به لأن كرم الظل الاسترواح به من وهج الحر، وإنما صيّرهم اللّه إلى هذه الحالة السيئة بسبب "إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ" الوقوع في هذا العذاب في دنياهم "مُتْرَفِينَ" ٤٥ بنعم اللّه وقد تقووا بها على معصيته فاستعملوها لغير ما خلقت لها "وَكانُوا" مع ذلك في دنياهم أيضا "يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ" ٤٦ يداومون على الذنب الذي يتحنث منه ويتأثم به، يقال بلغ الغلام الحنث أي زمن ما يكون مؤاخذا به على عمله السيء ويعد عليه إثما إذ قبل البلوغ لا يعتد به ولا يعاقب عليه، وقد وصفه بالعظيم ليعلم أن المراد منه الشرك باللّه، إذ لا أعظم منه ذنبا "وَكانُوا يَقُولُونَ" بعضهم لبعض فضلا عن ذلك "أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ" ٤٧ استفهام إنكار وسخرية باللّه ورسله الذين أخبروهم بالبعث بعد الموت الذي ينكرونه وخوفوهم عاقبته ويقولون أيضا "أَ وَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ" ٤٨ يبعثون أيضا، زيادة في الاستهزاء، وقد جاء هنا العطف على المضمر من غير تأكيد في الضمير المنفصل كما في نحو (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) الآية ٣٥ من البقرة في ج ٣، ومثلها