بتخفيف الزاي بدل ضمه، وهي قراءة أيضا، وهذا وما يأتي وإن كان المخاطب به كفار قريش فهو عام في جميع الكفرة المنكرين للبعث المكذبين الرسل، ثم بادر يخاطبهم على طريق الإلزام والتبكيت بقوله جل قوله "نَحْنُ خَلَقْناكُمْ" كما تعلمون من نطفة وخلقنا أباكم من تراب "فَلَوْ لا" هلا "تُصَدِّقُونَ" ٥٧ أن من يخلق ابتداء من غير شيء بطريق الإبداع، ألا يقدر على إعادة ما خلقه ثانيا على نمط الأول ؟ بلى وهو أهون عليه، وكل شيء عنده هين "أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ" ٥٨ من النطف في أرحام النساء "أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ" أي لجنين المكون من تلك النطفة فتصيرونه بشرا سويا "أَمْ" نَحْنُ الْخالِقُونَ" ٥٩ له منها بل هو هو، فيا أيها الناس تدبّروا هذا واعلموا أنا "نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ" أي أجله كما قدرنا الحياة في الرحم والدنيا والبقاء في البرزخ فمنكم من يموت في بطن أمه ومنكم من يموت طفلا وصبيا وشابا وكهلا وشيخا وهرما، بمقتضى تقديرنا الأزلي لآجالكم "وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" ٦٠ عن شيء نريده بل الغالبون أبدا في كل شيء، ولا يفوتنا شيء، ولا يقع في الملك والملكوت شيء ما إلا بمقتضى تقديرنا، واعلموا أيها الناس أنا نحن القادرون (الرفع بعد نحن على البدلية، والنصب على الاختصاص) تأمل هذا واعلم أن من يعرف العربية فقد لا يغلط أحدا حيث يجد له طريقا وخاصة ما بعد أن وكان)
"عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ"
فنغير صفاتكم هذه التي أنتم عليها من الخلق والخلق، أو نذهبكم وناتي بدلكم أشباهكم من الخلق الآخر "وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ"