وفي لفظ ثم نزل من سماء الدنيا إلى الأرض نجوما ثم قرأ هذه الآية، ويستحيل على هذا القول عرد الضمير في "وَإِنَّهُ" للقرآن بالنظر إلى ما يفهم من مواقع النجوم حتى يعد كأنه مذكور أي وأن هذا القسم الذي ذكره اللّه بعد أن فرغ من ذكر البراهين المسكة الآنفة الذكر التي يخرس عندها كل بليغ ويحجم عنها كل فصيح "لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" ٧٦ لأن في سقوط النجوم بالنسبة لما نراه زوال أثرها ودلالة على وجود مؤثرها الدائم وقد استدل الخليل عليه السلام بأقوالها على صانعها جل جلاله، كما سيأتي في الآية ٧٦ فما بعدها من سورة الأنعام في ج ٢، وفي هذه الآية دالة على جواز الفعل بين الصفة والموصوف بكلام آخر، لأن عظيما هنا جاء صفة لقسم، واللّه تعالى يقول هو عظيم جدا لو تعلمون ما يترتب عليه من المصالح فضلا عن أنه وقت قيام المجتهدين المبتهلين إلى اللّه، وآن نزول رحمته، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، وجواب القسم في قوله تعالى "إِنَّهُ" أي المنزل عليك يا سيد الرسل "لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ" ٧٧ لما فيه من النور والهدى والبيان والعلم والحكم والحكمة، لأن الفقيه يستدل به والحكيم يستمد به والأديب يقتبس منه والأريب يتقوى به، والمتعلم يستفيد منه، وكل عالم يطلب أصل علمه من فيضه، ليس بسحر ولا كهانة كما
يقولون، بل هو مثبت عند اللّه "فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ" ٧٨ محفوظ مصون "لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" ٧٩ الملائكة المقربون والسفرة الكرام البررة.
ولا هنا نافيه والضمير يعود للأقرب وهو الكتاب أي اللوح المحفوظ، فلو أريد عوده للبعيد وهو


الصفحة التالية
Icon