"فَسَلامٌ لَكَ" يا صاحب اليمين "مِنْ" اخوانك الكرام "أَصْحابِ الْيَمِينِ" ٩١ وسلام لك يا أكرم الرسل بهم لا تخف عليهم فهم في أمن من العذاب فلا تهتم بشأنهم وستراهم على ما تحب من السلامة، وانهم يسلمون عليك في دار فضلك "وَأَمَّا إِنْ كانَ" ذلك الميت والعياذ باللّه "مِنَ" أصحاب الشمال "الْمُكَذِّبِينَ" الجاحدين رسالتك وكتابك وربك "الضَّالِّينَ" ٩٢ عن هداك المائلين عن رشدك يا سيد الرسل المنحرفين عن الصواب "فَنُزُلٌ" لهم مهيء في جهنم "مِنْ حَمِيمٍ ٩٣ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ" ٩٤ يحرقون فيها، مرّ تفسير مثله "إِنَّ هذا" الذي ذكر مما قصه اللّه عمن حضره الموت وما قبله "لَهُوَ" وعزّتي وجلالي "حَقُّ الْيَقِينِ" ٩٥ الثابت الذي لا شك فيه وهو العلم المتيقن عين اليقين ونفسه.
مطلب الفرق بين علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين :
ولأهل المعرفة في عين اليقين وحق اليقين وعلم اليقين فقط عبارات شتى، فاليقين عندهم رؤية العيان بقوة الإيمان لا بالحجة والبرهان، وحق اليقين فناء العبد في الحق والبقاء بربه علما وشهودا وحالا لا علما فقط، فإذا كان علما فقط فهو علم اليقين، فعلم كل عاقل بالموت علم اليقين، فإذا عاين الملائكة فهو علم اليقين، وإذا ذاق الموت فهو حق اليقين، والإيقان هو العلم الذي يستفاد بالاستدلال، ولذا لا يقال اللّه موقن "فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ" ٩٦ إن كنت موقنا عازما وتقدم تفسير مثله وكرر تأكيدا قال علي الجهني لما نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قال صلى اللّه عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم، ولما نزلت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال اجعلوها في سجودكم أخرجه أبو داود - وأخرج الترمذي عن حذيفة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى، وما أتى على آية رحمة إلّا وقف وسأل اللّه، وما أتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ.