الضمير في :﴿أنشأناهن﴾ عائد إلى من ؟ فيه ثلاثة أوجه أحدها : إلى ﴿حُورٌ عِينٌ﴾ [ الواقعة : ٢٢ ] وهو بعيد لبعدهن ووقوعهن في قصة أخرى ثانيها : أن المراد من الفرش النساء والضمير عائد إليهن لقوله تعالى :﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ]، ويقال للجارية صارت فراشاً وإذا صارت فراشاً رفع قدرها بالنسبة إلى جارية لم تصر فراشاً، وهو أقرب من الأول لكن يبعد ظاهراً لأن وصفها بالمرفوعة ينبىء عن خلاف ذلك وثالثها : أنه عائد إلى معلوم دل عليه فرش لأنه قد علم في الدنيا وفي مواضع من ذكر الآخرة، أن في الفرش حظايا تقديره وفي فرش مرفوعة حظايا منشآت وهو مثل ما ذكر في قوله تعالى :﴿قاصرات الطرف﴾ [ الرحمن : ٥٦ ] و ﴿مقصورات﴾ [ الرحمن : ٧٢ ] فهو تعالى أقام الصفة مقام الموصوف ولم يذكر نساء الآخرة بلفظ حقيقي أصلاً وإنما عرفهن بأوصافهن ولباسهن إشارة إلى صونهن وتخدرهن، وقوله تعالى :﴿إِنَّا أنشأناهن﴾ يحتمل أن يكون المراد الحور فيكون المراد الإنشاء الذي هو الابتداء، ويحتمل أن يكون المراد بنات آدم فيكون الإنشاء بمعنى إحياء الإعادة، وقوله تعالى :﴿أبكاراً﴾ يدل على الثاني لأن الإنشاء لو كان بمعنى الابتداء لعلم من كونهن أبكاراً من غير حاجة إلى بيان ولما كان المراد إحياء بنات آدم قال :﴿أبكاراً﴾ أي نجعلهن أبكاراً وإن متن ثيبات، فإن قيل : فما الفائدة على الوجه الأول ؟ نقول : الجواب من وجهين الأول : أن الوصف بعدها لا يكون من غيرها إذا كن أزواجهم بين الفائدة لأن البكر في الدنيا لا تكون عارفة بلذة الزوج فلا ترضى بأن تتزوج من رجل لا تعرفه وتختار التزويج بأقرانها ومعارفها لكن أهل الجنة إذا لم يكن من جنس أبناء آدم وتكون الواحدة منهن بكراً لم تر زوجاً ثم تزوجت بغير جنسها فربما يتوهم منها سوء عشرة فقال :﴿أبكاراً﴾ فلا يوجد فيهن ما يوجد في أبكار الدنيا الثاني : المراد أبكاراً بكارة تخالف بكارة الدنيا، فإن