وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِذَا وَقَعَتِ الواقعة ﴾
أي قامت القيامة، والمراد النفخة الأخيرة.
وسميت واقعة لأنها تقع عن قرب.
وقيل : لكثرة ما يقع فيها من الشدائد.
وفيه إضمار، أي اذكروا إذا وقعت الواقعة.
وقال الجرجاني :"إِذا" صلة ؛ أي وقعت الواقعة ؛ كقوله :﴿ اقتربت الساعة ﴾ [ القمر : ١ ] و ﴿ أتى أَمْرُ الله ﴾ [ النحل : ١ ] وهو كما يقال : قد جاء الصوم أي دنا واقترب.
وعلى الأوّل "إِذَا" للوقت، والجواب قوله :﴿ فأصحاب الميمنة مَآ أصحاب الميمنة ﴾.
﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ الكاذبة مصدر بمعنى الكذب، والعرب قد تضع الفاعل والمفعول موضع المصدر ؛ كقوله تعالى :﴿ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً ﴾ [ الغاشية : ١١ ] أي لغو، والمعنى لا يسمع لها كذب ؛ قاله الكسائي.
ومنه قول العامة : عائذاً بالله أي معاذ الله، وقم قائماً أي قم قياماً.
ولبعض نساء العرب ترقِّصُ ابنها :
قُمْ قائماً قُمْ قَائمَا...
أصبت عبداً نائمَا
وقيل : الكاذبة صفة والموصوف محذوف، أي ليس لوقعتها حال كاذبة ؛ أو نفس كاذبة ؛ أي كل من يخبر عن وقعتها صادق.
وقال الزجاج :"لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ" أي لا يردها شيء.
ونحوه قول الحسن وقتادة.
وقال الثوريّ : ليس لوقعتها أحد يكذّب بها.
وقال الكسائيّ أيضاً : ليس لها تكذيب ؛ أي ينبغي ألا يكذّب بها أحد.
وقيل : إن قيامها جِدٌّ لا هزْلَ فيه.
قوله تعالى :﴿ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ﴾ قال عِكرمة ومقاتل والسُّدِّي : خفضت الصوت فأسمعتْ من دنا ورفعتْ من نأى ؛ يعني أسمعت القريب والبعيد.
وقال السُّدِّي : خفضت المتكبرّين ورفعت المستضعفين.
وقال قتادة : خفضت أقواماً في عذاب الله، ورفعت أقواماً إلى طاعة الله.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : خفضت أعداء الله في النار، ورفعت أولياء الله في الجنة.