فصل
قال الفخر :
﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) ﴾
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
ما الحكمة في ذكر السموم والحميم وترك ذكر النار وأهوالها ؟ نقول : فيه إشارة بالأدنى إلى الأعلى فقال : هواؤهم الذي يهب عليهم سموم، وماؤهم الذي يستغيثون به حميم، مع أن الهواء والماء أبرد الأشياء، وهما أي السموم والحميم من أضر الأشياء بخلاف الهواء والماء في الدنيا فإنهما من أنفع الأشياء فما ظنك بنارهم التي هي عندنا أيضاً أحر، ولو قال : هم في نار، كنا نظن أن نارهم كنارنا لأنا ما رأينا شيئاً أحر من التي رأيناها، ولا أحر من السموم، ولا أبرد من الزلال، فقال : أبرد الأشياء لهم أحرها فكيف حالهم مع أحرها، فإن قيل : ما السموم ؟ نقول : المشهور هي ريح حارة تهب فتمرض أو تقتل غالباً، والأولى أن يقال : هي هواء متعفن، يتحرك من جانب إلى جانب فإذا استنشق الإنسان منه يفسد قلبه بسبب العفونة ويقتل الإنسان، وأصله من السم كسم الحية والعقرب وغيرهما، ويحتمل أن يكون هذا السم من السم، وهو خرم الإبرة، كماقال تعالى :﴿حتى يَلِجَ الجمل فِي سَمّ الخياط﴾ [ الأعراف : ٤٠ ] لأن سم الأفعى ينفذ في المسام فيفسدها، وقيل : إن السموم مختصة بما يهب ليلاً، وعلى هذا فقوله :﴿سَمُومٍ﴾ إشارة إلى ظلمة ما هم فيه غير أنه بعيد جداً، لأن السموم قد ترى بالنهار بسبب كثافتها.
المسألة الثانية :