والبَسُّ يطلق بمعنى التفتت وهو تفرّق الأجزاء المجموعة، ومنه البسيسة من أسماء السويق أي فتِّتَتْ الجبال ونسفت فيكون كقوله تعالى :﴿ ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذَرها قاعاً صفصفاً ﴾ [ طه : ١٠٥، ١٠٦ ].
ويطلق البسّ أيضاً على السّوق للماشية، يقال : بَسّ الغنم، إذا ساقها.
وفي الحديث :" فيأتي قوم يَبِسُّون بأموالهم وأهليهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " فهو في معنى قوله تعالى :﴿ ويوم نسيّر الجبال ﴾ [ الكهف : ٤٧ ]، وقوله :﴿ وسيرت الجبال ﴾ [ النبأ : ٢٠ ] وتأكيده بقوله :﴿ بساً ﴾ كالتأكيد في قوله :﴿ رجاً ﴾ لإِفادة التعظيم بالتنوين.
وتفريع ﴿ فكانت هباءً منبثاً ﴾ على ﴿ بُسّت الجبال ﴾ لائق بمعنيي البسّ لأن الجبال إذا سيّرت فإنما تُسيّر تسييراً يفتتها ويفرقها، أي تسييرَ بَعْثَرَة وارتطام.
والهباء : ما يلوح في خيوط شعاع الشمس من دقيق الغبار، وتقدم عند قوله تعالى :﴿ فجعلناه هباء منثوراً ﴾ في سورة الفرقان ( ٢٣ ).
والمنْبَثُّ : اسم فاعل انبثَّ، مطاوع بثَّه، إذا فرّقه.
واختير هذا المطاوع لمناسبته مع قوله : وبست الجبال } في أن المبني للنائب معناه كالمطاوعة، وقوله :﴿ فكانت هباءً منبثاً ﴾ تشبيه بليغ، أي فكانت كالهباء المنبث.
والخطاب في :﴿ وكنتم أزواجاً ثلاثة ﴾ للناس كلهم، وهذا تخلص للمقصود من السورة وهو الموعظة.
والأزواج : الأصناف.
والزوج يطلق على الصنف والنوع كقوله تعالى :﴿ فيهما من كل فاكهة زوجان ﴾ [ الرحمن : ٥٢ ] ووجه ذلك أن الصنف إذا ذكر يذكر معه نظيره غالباً فيكون زوجاً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٧ صـ ﴾