عرف النعيم باللام ههنا وقال في آخر السورة :﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ﴾ [ الواقعة : ٨٩ ] بدون اللام، والمذكور في آخر السورة هو واحد من السابقين فله جنة من هذه الجنات وهذه معرفة بالإضافة إلى المعرفة، وتلك غير معرفة فما الفرق بينهما ؟ فنقول : الفرق لفظي ومعنوي فاللفظي هو أن السابقين معرفون باللام المستغرقة لجنسهم، فجعل موضع المعرفين معرفاً، وأما هناك فهو غير معرف، لأن قوله :﴿إِن كَانَ مِنَ المقربين﴾ [ الواقعة : ٨٨ ] أي إن كان فرداً منهم فجعل موضعه غير معرف مع جواز أن يكون الشخص معرفاً وموضعه غير معرف، كما قال تعالى :﴿إِنَّ المتقين فِي جنات وَعُيُونٍ﴾ [ الذاريات : ١٥ ] و ﴿إِنَّ المتقين فِي جنات وَنَهَرٍ﴾ [ القمر : ٥٤ ] وبالعكس أيضاً، وأما المعنوي : فنقول : عند ذكر الجمع جمع الجنات في سائر المواضع فقال تعالى :﴿إِنَّ المتقين فِي جنات﴾ وقال تعالى :﴿أولئك المقربون * فِي جنات﴾ [ الواقعة : ١١، ١٢ ] لكن السابقون نوع من المتقين، وفي المتقين غير السابقون أيضاً، ثم إن السابقين لهم منازل ليس فوقها منازل، فهي صارت معروفة لكونها في غاية العلو أو لأنها لا أحد فوقها، وأما باقي المتقين فلكل واحد مرتبة وفوقها مرتبة فهم في جنات متناسبة في المنزلة لا يجمعها صقع واحد لاختلاف منازلهم، وجنات السابقين على حد واحد في على عليين يعرفها كل أحد، وأما الواحد منهم فإن منزلته بين المنازل، ولا يعرف كل أحد أنه لفلان السابق فلم يعرفها، وأما منازلهم فيعرفها كل أحد، ويعلم أنها للسابقين، ولم يعرف الذي للمتقين على وجه كذا.
المسألة الثانية :