قال الحسن : سابقو من مضى أكثر من سابقينا ؛ فلذلك قال :﴿ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخرين ﴾ وقال في أصحاب اليمين وهم سوى السابقين :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين ﴾ ﴿ وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين ﴾ ولذلك قال النبيّ ﷺ :" إني لأرجو أن تكون أمتي شطر أهل الجنة " ثم تلا قوله تعالى :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين ﴾ ﴿ وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين ﴾ قال مجاهد : كلٌّ من هذه الأمة.
وروى سفيان عن أبان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبيّ ﷺ :" الثُّلَّتان جميعاً من أمتي " يعني ﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين ﴾ ﴿ وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخرين ﴾.
وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
قال أبو بكر رضي الله عنه : كِلاَ الثُّلَّتين من أمة محمد ﷺ، فمنهم من هو في أوّل أمته، ومنهم من هو في آخرها ؛ وهو مثل قوله تعالى :﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله ﴾ [ فاطر : ٣٢ ].
وقيل :﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين ﴾ أي من أوّل هذه الأمة.
﴿ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخرين ﴾ يسارع في الطاعات حتى يلحق درجة الأوّلين ؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" خيركم قَرْني " ثم سَوَّى في أصحاب اليمين بين الأوّلين والآخرين.
والثُّلَّة من ثَلَلت الشيء أي قطعته، فمعنى ثلة كمعنى فرقة ؛ قاله الزجاج.
قوله تعالى :﴿ على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ﴾ [ الطور : ٢٠ ] أي السابقون في الجنة "عَلَى سُرُرٍ" ؛ أي مجالسهم على سرر جمع سرير.
﴿ مَّوْضُونَةٍ ﴾ قال ابن عباس : منسوجة بالذهب.
وقال عكرمة : مشبكة بالدُّرّ والياقوت.
وعن ابن عباس أيضاً :"مَوْضُونَةٍ" مصفوفة ؛ كما قال في موضع آخر :﴿ على سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ ﴾.
وعنه أيضاً وعن مجاهد : مَرْمولة بالذهب.
وفي التفاسير :"مَوْضُونَةٍ" أي منسوجة بقضبان الذّهب مشبكة بالدّر والياقوت والزّبرجد.


الصفحة التالية
Icon