ولما كان هذا معناه الساعة التي أبرم القضاء بأنه لا بد من كونها، عبر عنه بانياً على مبتدأ محذوف فقال :﴿ليس لوقعتها﴾ أي تحقق وجودها ﴿كاذبة﴾ أي كذب فهي مصدر عبر عنه باسم الفاعل للمبالغة بأنه ليس في أحوالها شيء يمكن أن ينسب إليه كذب ولا يمشي فيها كذب أصلاً ولا يقر عليه، بل كل ما أخبر بمجيئه جاء من غير أن يرده شيء، وكل ما أخبر بنفيه انتفى فلا يأتي به شيء، وقرر عظمتها وحقق بعث الأمور فيها بقوله مخبراً عن مبتدأ محذوف :﴿خافضة﴾ أي هي لمن يشاء الله خفضه من عظماء أهل النار وغيرهم مما يشاؤه من الجبال وغيرها إلى أسفل سافلين ﴿رافعة﴾ أي لضعفاء أهل الجنة وغيرهم من منازلهم وغيرها مما يشاؤه إلى عليين، لا راد لأمره ولا معقب لحكمه.
ولما كان في هذا من الهول ما يقطع القلوب الواعية أكده بقوله وزاد ما يشاء منه أيضاً بقوله مبدلاً من الظرف الأول بعض ما يدخل في الرفع والخفض :﴿إذا رجت الأرض﴾ أي كلها على سعتها وثقلها بأيسر أمر ﴿رجاً﴾ أي زلزلت زلزالاً شديداً بعنف فانخفضت وارتفعت ثم انتفضت بأهلها انتفاضاً شديداً، قال البغوي : والرج في اللغة التحريك.
ولما ذكر حركتها المزعجة، أتبعها غايتها فقال :﴿وبست الجبال﴾ أي فتتت على صلابتها وعظمها بأدنى إشارة وخلط حجرها بترابها حتى صار شيئاً واحداً، وصارت كالعهن المنفوش، وسيرت وكانت تمر مرّ السحاب ﴿بساً فكانت﴾ أي بسبب ذلك ﴿هباء﴾ غباراً هو في غاية الانمحاق، وإلى شدة لطافته أشار بصيغة الانفعال فقال :﴿منبثاً﴾ أي منتشراً متفرقاً بنفسه من غير حاجة إلى هواء يفرقه فهو كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل في كوة.