في تأخير الكأس ترتيب حسن، فكذلك في تقديم الأكواب إذا كان الكوب منه يصب الشراب في الإبريق ومن الإبريق الكأس.
المسألة الثالثة :
﴿مّن مَّعِينٍ﴾ بيان ما في الكأس أو بيان ما في الأكواب والأباريق، نقول : يحتمل أن يكون الكل من معين والأول أظهر بالوضع، والثاني ليس كذلك، فلما قال :﴿وَكَأْسٍ﴾ فكأنه قال : ومشروب، وكأن السامع محتاجاً إلى معرفة المشروب، وأما الإبريق فدلالته على المشروب ليس بالوضع، وأما المعنى فلأن كون الكل ملآناً هو الحق، ولأن الطواف بالفارغ لا يليق فكان الظاهر بيان ما في الكل، ومما يؤيد الأول هو أنه تعالى عند ذكر الأواني ذكر جنسها لا نوع ما فيها فقال تعالى :
﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِئَانِيَةٍ مّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ﴾ [ الإنسان : ١٥ ] الآية، وعند ذكر الكأس بين ما فيها فقال :﴿وَكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ﴾ فيحتمل أن الطواف بالأباريق، وإن كانت فارغة للزينة والتجمل وفي الآخرة تكون للإكرام والتنعم لا غير.
المسألة الرابعة :
ما معنى المعين ؟ قلنا : ذكرنا في سورة الصافات أنه فعيل أو مفعول ومضى فيه خلاف، فإن قلنا : فعيل فهو من معن الماء إذا جرى وإن قلنا : مفعول فهو من عانه إذا شخصه بعينه وميزه، والأول أصح وأظهر لأن المعيون يوهم بأنه معيوب لأن قول القائل : عانني فلان معناه ضرني إذا أصابتني عينه، ولأن الوصف بالمفعول لا فائدة فيه، وأما الجريان في المشروب فهو إن كان في الماء فهو صفة مدح وإن كان في غيره فهو أمر عجيب لا يوجد في الدنيا، فيكون كقوله تعالى :﴿وأنهار مّنْ خَمْرٍ﴾ [ محمد : ١٥ ].
لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩)
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :