ما الفرق بين ﴿العظيم﴾ وبين ﴿الأعلى﴾، وهل في ذكر ﴿العظيم﴾ هنا بدل ﴿الأعلى﴾ وذكر ﴿الأعلى﴾ في قوله :﴿سَبِّحِ اسم رَبّكَ الأعلى﴾ [ الأعلى : ١ ] بدل ﴿العظيم﴾ فائدة ؟ نقول : أما الفرق بين العظيم والأعلى فهو أن العظيم يدل على القرب، والأعلى يدل على البعد، بيانه هو أن ما عظم من الأشياء المدركة بالحس قريب من كل ممكن، لأنه لو بعد عنه لخلا عنه موضعه، فلو كان فيه أجزاء أخر لكان أعظم مما هو عليه فالعظيم بالنسبة إلى الكل هو الذي يقرب من الكل، وأما الصغير إذا قرب من جهة فقد بعد عن أخرى، وأما العلي فهو البعيد عن كل شيء لأن ما قرب من شيء من جهة فوق يكون أبعد منه وكان أعلى فالعلي المطلق بالنسبة إلى كل شيء هو الذي في غاية البعد عن كل شيء، إذا عرفت هذا فالأشياء المدركة تسبح الله، وإذا علمنا من الله معنى سلبياً فصح أن نقول : هو أعلى من أن يحيط به إدراكنا وإذا علمنا منه وصفاً ثبوتياً من علم وقدرة يزيد تعظيمه أكثر مما وصل إليه علمنا، فنقول : هو أعظم وأعلى من أن يحيط به علمنا، وقولنا : أعظم معناه عظيم لا عظيم مثله، ففيه مفهوم سلبي ومفهوم ثبوتي وقوله : أعلى، معناه هو علي ولا علي مثله، والعلي إشارة إلى مفهوم سلبي والأعلى مثله بسبب آخر، فالأعلى مستعمل على حقيقته لفظاً ومعنى، والأعظم مستعمل على حقيقته لفظاً، وفيه معنى سلبي، وكأن الأصل في العظيم مفهوم ثبوتي لا سلب فيه فالأعلى أحسن استعمالاً من الأعظم هذا هو الفرق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ١٦٠ ـ ١٦٢﴾