فقوله :﴿قُلْ﴾ إشارة إلى أن الأمر في غاية الظهور، وذلك أن في الرسالة أسراراً لا تقال إلا للأبرار، ومن جملتها تعيين وقت القيامة لأن العوام لو علموا لاتَّكلوا والأنبياء ربما اطلعوا على علاماتها أكثر مما بينوا وربما بينوا للأكابر من الصحابة علامات على ما نبين ففيه وجوه أولها : قوله :﴿قُلْ﴾ يعني أن هذا من جملة الأمور التي بلغت في الظهور إلى حد يشترك فيه العوام والخواص، فقال : قل قولاً عاماً وهكذا في كل موضع، قال : قل كان الأمر ظاهراً، قال الله تعالى :﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ [ الإخلاص : ١ ] وقال :﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ﴾ [ الكهف : ١١٠ ] وقال :﴿قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى﴾ [ الإسراء : ٨٥ ] أي هذا هو الظاهر من أمر الروح وغيره خفي ثانيها : قوله تعالى :﴿إِنَّ الأولين والأخرين﴾ بتقديم الأولين على الآخرين في جواب قولهم :﴿أَوَ ءابَاؤُنَا الأولون﴾ [ الواقعة : ٤٨ ] فإنهم أخروا ذكر الآباء لكون الاستبعاد فيهم أكثر، فقال إن الأولين الذين تستبعدون بعثهم وتؤخرونهم يبعثهم الله في أمر مقدم على الآخرين، يتبين منه إثبات حال من أخرتموه مستبعدين، إشارة إلى كون الأمر هيناً ثالثها : قوله تعالى :﴿لَمَجْمُوعُونَ﴾ فإنهم أنكروا قوله :﴿لَمَبْعُوثُونَ﴾ [ الواقعة : ٤٧ ] فقال : هو واقع مع أمر زائد، وهو أنهم يحشرون ويجمعون في عرصة الحساب، وهذا فوق البعث، فإن من بقي تحت التراب مدة طويلة ثم حشر ربما لا يكون له قدرة على الحركة، وكيف لو كان حياً محبوساً في قبره مدة لتعذرت عليه الحركة، ثم إنه تعالى بقدرته يحركه بأسرع حركة ويجمعه بأقوى سير، وقوله تعالى :﴿لَمَجْمُوعُونَ﴾ فوق قول القائل : مجموعون كما قلنا : إن قول قول القائل : إنه يموت في إفادة التوكيد دون قوله : إنه ميت رابعها : قوله تعالى :﴿إلى ميقات يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ فإنه يدل على أن الله تعالى يجمعهم في يوم واحد معلوم،