القرآن مصدر أو اسم غير مصدر ؟ فنقول : فيه وجهان أحدهما : مصدر أريد به المفعول وهو المقروء ومثله في قوله تعالى :﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْانًا سُيّرَتْ بِهِ الجبال﴾ [ الرعد : ٣١ ] وهذا كما يقال في الجسم العظيم : أنظر إلى قدرة الله تعالى أي مقدوره وهو كما في قوله تعالى :﴿هذا خَلْقُ الله فَأَرُونِى﴾ [ لقمان : ١١ ] ثانيهما : اسم لما يقرأ كالقربان لما يتقرب به، والحلوان لما يحلى به فم المكاري أو الكاهن وعلى هذا سنبين فساد قول من رد على الفقهاء قولهم في باب الزكاة : يعطى شيئاً أعلى مما وجب ويأخذ الجبران أو يعطى شيئاً دونه، ويعطى الجبران أيضاً، حيث قال : الجبران مصدر لا يؤخذ ولا يعطى، فيقال له هو كالقرآن بمعنى المقروء، ويجوز أن يقال : لما أخذ جابر أو مجبور أو يقال : هو اسم لما يجبر به كالقربان.
المسألة الثالثة :
إذا كان هذا الكلام للرد على المشركين فهم ما كانوا ينكرون كونه مقروءاً فما الفائدة في قوله :﴿إِنَّهُ لَقُرْءانٌ﴾ ؟ نقول فيه وجهان أحدهما : أنه إخبار عن الكل وهو قوله : قرآن كريم فهم كانوا ينكرون كونه قرآناً كريماً وهم ما كانوا يقرون به وثانيهما : وهو أحسن من الأول، أنهم قالوا : هو مخترع من عنده وكان النبي ﷺ يقول : إنه مسموع سمعته وتلوته عليكم فما كان القرآن عندهم مقروءاً، وما كانوا يقولون : إن النبي ﷺ يقرأ القرآن وفرق بين القراءة والإنشاء، فلما قال :﴿إِنَّهُ لَقُرْءانٌ﴾ أثبت كونه مقروءاً على النبي ﷺ ليقرأ ويتلى فقال تعالى :﴿إِنَّهُ لَقُرْءانٌ﴾ سماه قرآناً لكثرة ما قرىء، ويقرأ إلى الأبد بعضه في الدنيا وبعضه في الآخرة.
المسألة الرابعة :