﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ [ الإسراء : ٨٠ ] أي دخول صدق أو إدخال صدق وقال تعالى :﴿كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ [ سبأ : ٧ ] أي تمزيق، فالممزق بمعنى التمزيق، كالمنزل بمعنى التنزيل، وعلى العكس سواء، وهذه البلاغة هي أن الفعل لا يرى، والمفعول به يصير مرئياً، والمرئي أقوى في العلم، فيقال : مزقهم تمزيقاً وهو فعل معلوم لكل أحد علماً بيناً يبلغ درجة الرؤية ويصير التمزق هنا كما صار الممزق ثابتاً مرئياً، والكلام يختلف بمواضع الكلام، ويستخرج الموفق بتوفيق الله، وقوله :﴿مِن رَّبّ العالمين﴾ أيضاً لتعظيم القرآن، لأن الكلام يعظم بعظمة المتكلم، ولهذا يقال لرسول الملك هذا كلام الملك أو كلامك وهذا كلام الملك الأعظم أو كلام الملك الذي دونه، إذا كان الرسول رسول ملوك، فيعظم الكلام بقدر عظمة المتكلم، فإذا قال :﴿مِن رَّبّ العالمين﴾ تبين منه عظمة لا عظمة مثلها وقد بينا تفسير العالم وما فيه من اللطائف، وقوله :﴿تَنزِيلَ﴾ رد على طائفة أخرى، وهم الذين يقولون : إنه في كتاب و لا يمسه إلا المطهرون وهم الملائكة، لكن الملك يأخذ ويعلم الناس من عنده ولا يكون من الله تعالى، وذلك أن طائفة من الروافض يقولون : إن جبرائيل أنزل على علي، فنزل على محمد، فقال تعالى : هو من الله ليس باختيار الملك أيضاً، وعند هذا تبين الحق فعاد إلى توبيخ الكفار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٩ صـ ١٦٢ ـ ١٧١﴾


الصفحة التالية
Icon