الرابعة : قوله تعالى :﴿ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ﴾ مصون عند الله تعالى.
وقيل : مكنون محفوظ عن الباطل.
والكتاب هنا كتاب في السماء ؛ قاله ابن عباس.
وقال جابر بن زيد وابن عباس أيضاً : هو اللوح المحفوظ.
عِكرمة : التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن ومن ينزل عليه.
السّديّ : الزبور.
مجاهد وقتادة : هو المصحف الذي في أيدينا.
الخامسة : قوله تعالى :﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون ﴾ اختلف في معنى ﴿ لاَّ يَمَسُّهُ ﴾ هل هو حقيقة في المسّ بالجارحة أو معنًى؟ وكذلك اختلف في "الْمُطَهَّروُنَ" من هم؟ فقال أنس وسعيد بن جُبير : لا يمسّ ذلك الكتاب إلا المطهَّرون من الذنوب وهم الملائكة.
وكذا قال أبو العالية وابن زيد : إنهم الذين طُهِّروا من الذنوب كالرسل من الملائكة والرسل من بني آدم ؛ فجبريل النازل به مُطهَّر، والرسل الذين يجيئهم بذلك مُطهَّرون.
الكلبيّ : هم السَّفَرة الكرام البرَرَة.
وهذا كله قول واحد، وهو نحو ما اختاره مالك حيث قال : أحسن ما سمعت في قوله ﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون ﴾ أنها بمنزلة الآية التي في "عَبَسَ وَتَوَلَّى" :﴿ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ.
فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ.
مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ.
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ.
كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾
[ عبس : ١٢-١٦ ] يريد أن المطهَّرين هم الملائكة الذين وصفوا بالطهارة في سورة "عبس".
وقيل : معنى "لاَ يَمَسُّهُ" لا ينزل به "إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ" أي الرسل من الملائكة على الرسل من الأنبياء.
وقيل : لا يمسّ اللوح المحفوظ الذي هو الكتاب المكنون إلا الملائكة المطهرّون.
وقيل : إن إسرافيل هو الموكّل بذلك ؛ حكاه القشيري.
ابن العربي : وهذا باطل لأن الملائكة لا تناله في وقت ولا تصل إليه بحال، ولو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه مجال.
وأما من قال : إنه الذي بأيدي الملائكة في الصحف فهو قول محتمل ؛ وهو اختيار مالك.


الصفحة التالية
Icon