﴿ إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ ﴾ وهو تعظيم للقسم مقرر مؤكد له، وقوله عز وجل :﴿ لَّوْ تَعْلَمُونَ ﴾ معترض بين الصفة والموصوف وهو تأكيد لذلك التعظيم وجواب ﴿ لَوْ ﴾ إما متروك أريد به نفي علمهم أو محذوف ثقة بظهوره أي لعظمتموه أو لعملتم بموجبه، ووجه كون ذلك القسم عظيماً قد أشير إليه فيما مر، أو هو ظاهر بناءاً على أن المراد ﴿ بمواقع النجوم ﴾ [ الواقعة : ٧٥ ] ما روي عن ابن عباس.
والجماعة، ومعنى كون القرآن كريماً أنه حسن مرضي في جنسه من الكتب أو نفاع جم المنافع، وكيف لا وقد اشتمل على أصول العلوم المهمة في إصلاح المعاش، والمعاد، والكرم على هذا مستعار كما قال الطيبي من الكرم المعروف.
وقيل : الكرم أعم من كثرة البذل والإحسان والاتصاف بما يحمد من الأوصاف ككثرة النفع فإنه وصف محمود فكونه كرماً حقيقة، وجوز أن يراد كريم على الله تعالى قيل : وهو يرجع لما تقدم، وفيه تقدير من غير حاجة وأياً مّا كان فمحط الفائدة الوصف المذكور قيل : إن مرجع الضمير هو القرآن لا من حيث عنوان كونه قرآناً فبمجرد الإخبار عنه بأنه قرآن تحصل الفائدة أي إنه لمقروء على نلا أنه أنشأه كما زعمه الكفار، وقوله تعالى :
﴿ فِي كتاب مَّكْنُونٌ ﴾ وصف آخر للقرآن أي كائن في كتاب مصون عن غير المقربين من الملائكة عليهم السلام لا يطلع عليه من سواهم، فالمراد به اللوح المحفوظ كما روي عن الربيع بن أنس وغيره، وقيل : أي في كتاب مصون عن التبديل والتغيير وهو المصحف الذي بأيدي المسلمين ويتضمن ذلك الإخبار بالغيب لأنه لم يكن إذ ذاك مصاحف، وأخرج عبد بن حميد.
وابن جرير عن عكرمة أنه قال : في كتاب أي التوراة والإنجيل، وحكي ذلك في "البحر" ثم قال : كأنه قال : ذكر في كتاب مكنون كرمه وشرفه، فالمعنى على هذا الاستشهاد بالكتب المنزلة انتهى.


الصفحة التالية
Icon