﴿ فَمَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا البطون ﴾ أي بطونكم من شدة الجوع فإنه الذي اضطرهم وقسرهم على أكل مثلها مما لا يؤكل، وأما على قراءة الجمهور فوجهه الحمل على المعنى لأنه بمعنى الشجرة، أو الأشجار إذا نظر لصدقه على المتعدد، وأما التذكير على هذه القراءة في قوله سبحانه :
﴿ فشاربون عَلَيْهِ ﴾ أي عقيب ذلك بلا ريث.
﴿ مِنَ الحميم ﴾ أي الماء الحار في الغاية لغلبة العطش فظاهر لا يحتاج إلى تأويل، وقال بعضهم : التأنيث أولاً باعتبار المعنى والتذكير ثانياً باعتبار اللفظ، فقيل عليه : إن فيه اعتبار اللفظ بعد اعتبار المعنى على خلاف المعارف فلو أعيد الضمير المذكر على الشجر باعتبار كونه مأكولاً ليكون التذكير والتأنيث باعتبار المعنى كان أولى وفيه بحث، ووجهه على القراءة الثانية أن الضمير عائد على الزقوم أو على الشجر باعتبار أنها زقوم أو باعتبار أنها مأكول، وقيل : هو مطلقاً عائد على الأكل، وتعقب بأنه بعيد لأن الشرب عليه لا على تناوله مع ما فيه من تفكيك الضمائر وكونه مجازاً شائعاً وغير ملبس لا يدفع البعد فتأمل.
﴿ فشاربون شُرْبَ الهيم ﴾ قال ابن عباس.
ومجاهد.
وعكرمة.
والضحاك جمع أهيم وهو الجمل الذي أصابه الهيام بضم الهاء وهو داء يشبه الاستسقاء يصيب الإبل فتشرب حتى تموت، أو تسقم سقماً شديداً، ويقال إبل هيماء وناقة هيماء كما يقال : جمل أهيم قال الشاعر
: فأصبحت ( كالهيماء لا الماء مبرد...
صداها ) ولا يقضي عليها هيامها
وجعل بعضهم ﴿ الهيم ﴾ هنا جمع الهيماء، وقيل : هو جمع هائم أو هائمة، وجمع فاعل على فعل كبازل وبزل شاذ، وعن ابن عباس أيضاً.


الصفحة التالية
Icon