وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) ﴾
لما فرغ سبحانه من ذكر أحوال السابقين، وما أعدّه لهم من النعيم المقيم، ذكر أحوال أصحاب اليمين، فقال :﴿ وأصحاب اليمين مَا أصحاب اليمين ﴾ قد قدّمنا وجه إعراب هذا الكلام، وما في هذه الجملة الاستفهامية من التفخيم والتعظيم، وهي خبر المبتدأ، وهو أصحاب اليمن، وقوله :﴿ فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ﴾ خبر ثان، أو خبر مبتدأ محذوف، أي : هم في سدر مخضود، والسدر : نوع من الشجر، والمخضود : الذي خضد شوكه، أي : قطع فلا شوك فيه.
قال أمية بن أبي الصلت يصف الجنة :
إن الحدائق في الجنان ظليلة... فيها الكواعب سدرها مخضود
وقال الضحاك، ومجاهد، ومقاتل بن حيان : إن السدر المخضود : الموقر حملاً ﴿ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ﴾ قال أكثر المفسرين : إن الطلح في الآية هو شجر الموز.
وقال جماعة : ليس هو شجر الموز، ولكنه الطلح المعروف وهو أعظم أشجار العرب.
قال الفراء، وأبو عبيدة : هو شجر عظام لها شوك.
قال الزجاج : الطلح هو أمّ غيلان، ولها نور طيب، فخوطبوا ووعدوا ما يحبون، إلاّ أن فضله على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على ما في الدنيا.
قال : ويجوز أن يكون في الجنة، وقد أزيل شوكه.
قال السدي : طلح الجنة يشبه طلح الدنيا لكن له ثمر أحلى من العسل، والمنضود : المتراكب الذي قد نضد أوله وآخره بالحمل ليس له سوق بارزة.
قال مسروق : أشجار الجنة من عروقها إلى أفنانها نضيد ثمر كله، كلما أخذت ثمرة عاد مكانها أحسن منها ﴿ وَظِلّ مَّمْدُودٍ ﴾ أي : دائم باق لا يزول، ولا تنسخه الشمس.
قال أبو عبيدة : والعرب تقول لكل شيء طويل لا ينقطع : ممدود، ومنه قوله :﴿ أَلَمْ تَرَ إلى رَبّكَ كَيْفَ مَدَّ الظل ﴾ [ الفرقان ؛ ٤٥ ] والجنة كلها ضلّ لا شمس معه.


الصفحة التالية
Icon