﴿وَلَوْ نَشَاء لمسخناهم على مكانتهم﴾ [ يس : ٦٧ ] وعلى ما قلت في تفسير المسبوقين، وجعلت المتعلق لقوله :﴿على أَن نُّبَدّلَ أمثالكم﴾ هو قوله :﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا﴾ فيكون قوله :﴿نُّبَدّلَ أمثالكم﴾ معناه على أن نبدل أمثالهم لا على عملهم، نقول : هذا إيراد وارد على المفسرين بأسرهم إذا فسروا الأمثال بجمع المثل، وهو الظاهر كما في قوله تعالى :﴿ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أمثالكم﴾ [ محمد : ٣٨ ] وقوله :﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أمثالهم تَبْدِيلاً﴾ [ الإنسان : ٢٨ ] فإن قوله :﴿إِذَا﴾ دليل الوقوع، وتغير أوصافهم بالمسخ ليس أمراً يقع والجواب أن يقال : الأمثال إما أن يكون جمع مثل، وإما جمع مثل، فإن كان جمع مثل فنقول معناه قدرنا بينكم الموت على هذا الوجه، وهو أن نغير أوصافكم فتكونوا أطفالاً، ثم شباناً، ثم كهولاً، ثم شيوخاً، ثم يدرككم الأجل، وما قدرنا بينكم الموت على أن نهلككم دفعة واحدة إلا إذا جاء وقت ذلك فتهلكون بنفخة واحدة وإن قلنا : هو جمع مثل فنقول معنى :﴿نُّبَدّلَ أمثالكم﴾ نجعل أمثالكم بدلاً وبدله بمعنى جعله بدلاً، ولم يحسن أن يقال : بدلناكم على هذا الوجه، لأنه يفيد أنا جعلنا بدلاً فلا يدل على وقوع الفناه عليهم، غاية ما في الباب أن قول القائل : جعلت كذا بدلاً لا تتم فائدته إلا إذا قال : جعلته بدلاً عن كذا لكنه تعالى لما قال :﴿نُّبَدّلَ أمثالكم﴾ فالمثل يدل على المثل، فكأنه قال : جعلنا أمثالكم بدلاً لكم، ومعناه على ما ذكرنا أنه لم نقدر الموت على أن نفني الخلق دفعة بل قدرناه على أن نجعل مثلهم بدلهم مدة طويلة ثم نهلكهم جميعاً ثم ننشئهم، وقوله تعالى :﴿فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ على الوجه المشهور في التفسير أنه فيما لا تعلمون من الأوصاف والأخلاق، والظاهر أن المراد :﴿فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ من الأوصاف والزمان، فإن أحداً لا يدري أنه متى يموت ومتى ينشأ أو كأنهم قالوا : ومتى